الثورة – تحقيق – جهاد اصطيف:
تنشط عادة مع بداية فصل الربيع من كل عام صناعة الألبان والأجبان نظراً لوفرة الحليب الذي يدخل في صناعتها بشكل أساسي، فضلاً عن صناعة السمنة وغيرها، إلى هنا يبدو الأمر طبيعيا جداً، ولكن الشيء غير الطبيعي كما نعلم هو الارتفاعات اللافتة والملحوظة في أسعار كافة المواد المنتجة من الحليب ومشتاقته…
*الشراء بالقطارة..
عدد من أصحاب المحال لبيع الأجبان والألبان، الذين ينتشرون بشكل أساسي في منطقتي “جب القبة والجميلية” بحلب أوضحوا أن إقبال الناس على الأجبان والألبان رغم الغلاء يعد مقبولاً، ولعل السبب “على حد قولهم” ارتفاع أسعار كافة المواد الغذائية في الأسواق بشكل عام ، وليس فقط الحليب ومشتقاته، ولكن “كما يضيفون” أنه لم يعد الناس يشترونها بكميات كبيرة مقارنة بالأعوام الماضية، سواء لتخزينها كمؤونة، أو شرائها أول بأول حسب الحاجة والطلب ويقصدون هنا الجبن تحديداً، مع العلم أن الكمية التي بات يشتريها المواطن من هذه المادة بالذات قليلة جداً قد تصل إلى نصف كيلو إن لم نقل أقل في معظم الأحيان.
*أسعار ولكن ..!
بطبيعة الحال يختلف سعر الألبان والأجبان باختلاف أنواعها والحليب المصنع منه، فسعر كيلو الحليب البقري حالياً ٢٢٠٠ ليرة، وسعر كيلو الجبن يتراوح ما بين ١٢ و ١٣ ألف ليرة، أما الجبن المشلل فيبدأ سعره من ١٥ ألف ليصل إلى الضعف حسب النوعية، أما لبن الغنم فقد وصل سعر الكيلو إلى نحو ٥ آلاف ليرة، ولبن البقر وصل إلى نحو ٣ آلاف ليرة، وكيلو اللبنة بـ ٧ آلاف ليرة على الأقل، أما سعر السمنة، فحدث ولا حرج وكل سوق يبيعها بسعر مختلف فهي لا تقل عن ٢٥ ألف ليرة للكيلو الواحد.
*مرات معدودة..
أم محمد لديها خمسة أولاد تقول: للأسف بتنا نشتري الجبنة في المناسبات فقط وليس كلها، ولم نعد نذكر عدد المرات التي اشترينا بها الجبنة خلال هذا الموسم رغم قلتها، وتردف: في السابق كنا نذهب إلى سوق الهال وسط مدينة حلب أو سوق منطقة “جب القبة” المعروف ببيع الأجبان والألبان ونشتري “برميل أو برميلين” من الجبن على الأقل كمؤونة سنوية، لكن الوضع الآن تغير تماماً ولم يعد بمقدورنا شراء حتى كيلو غرام واحد في ظل الغلاء الفاحش للأسعار بشكل عام والأجبان والألبان بشكل خاص، وتضيف: هناك مواد غذائية علينا تأمينها كوجبة الطعام باعتبارها أهم من الجبن.
* ” كعب ” جبنة مقابل أجرة يومية !
بدوره ” أبو إياد ” موظف – قال : لم أعد أذكر بالتحديد آخر مرة اشتريت فيها الجبنة لعائلتي، في حين كنت في السابق أمون على الأقل ٥٠ كيلو، أما الآن فلم يعد بمقدوري حتى أن أمون ولو كيلو واحد، لأن سعر ” كعب أو كعبين ” من الجبنة حالياً يساوي الأجر اليومي الذي أتقاضاه تقريباً في الوقت الحالي، فكيف لي أن أفكر ولو مجرد تفكير في أن أمون هذه المادة التي ابتعدت كثيراً عن موائد المواطنين ؟.
*هامش الربح ١٢ % فقط..
من جهته بين المهندس “ممدوح ميسر” رئيس دائرة الأسعار في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحلب أنه عادة يتم توجيه الدوريات للتركيز على الأسواق، وإعطاء التعليمات للعناصر لمراقبة الفواتير والأسعار وبيانات التكلفة الحقيقية، سواء من المنتج أو المستهلك وهذا الأمر ينطبق ليس فقط على مسألة الأجبان والألبان التي تبلغ نسبة أرباحها ١٢%، بل أيضاً على الألبسة و الأغذية والأدوات الكهربائية وغيرها، حيث يتم التعامل مع أي مخالفة يتم إثباتها بعد عرضها على اللجنة المشكلة بهذا الخصوص والتأكد من مواصفاتها، مشيراً إلى أنه في حال ثبت المخالفة بعد سحب العينة، سواء أكانت جرثومة أو كيمائية، يتعرض صاحبها لمخالفة البيع بسعر زائد وقد تصل العقوبة إلى الحبس أو الإغلاق أو التشميع.
ونوه إلى أن المديرية على سبيل المثال نظمت خلال الشهر الماضي نحو ” ٣٦٥ ” ضبطاً بمختلف أنواع المخالفات.
*انخفاض المبيعات..
غياب مأكولات كثيرة عن مائدة المواطن بالرغم من حلول موسمها ووفرتها، سببه الأساس الغلاء وضعف القدرة الشرائية لديهم، خاصة أصحاب الدخل المحدود منهم، وحسب أصحاب الخبرة في صناعة الأجبان والألبان ممن التقيناهم أشاروا إلى أن مشكلة المازوت والغاز والأعلاف، تلعب دوراً كبيراً في رفع أسعار الحليب ومشتقاته، وأنه تفادياً لتوقف الإنتاج من الحليب والجبن، يضطر القائمين على هذه الصنعة لتأمين متطلبات الإنتاج بسعر مرتفع من السوق السوداء كي لا يضطر هؤلاء كما فعل الكثير بإغلاق منشآتهم نتيجة عدم القدرة على الاستمرار في الإنتاج بسبب ارتفاع التكاليف.