من الذاكرة..حنا مينه:«نهاية رجل شجاع» رافعة للدراما السورية

الملحق الثقافي:

كتبت سيناريوهات قديمة وأجيد هذه المهنة، ولكن كتابة مسلسل طويل من 30 حلقة أو أكثر يتطلب مني زمناً، فوجدت بعد رجوعي من المنفى الذي دام ثماني سنوات أن أفكر قليلاً بموضوعية.
بعد تنحية العواطف والجنون والمغامرات التي أنا مولع بها وجدت أن كتابة سيناريو ستأخذ مني عاماً أو بعد عام، لذلك قررت أنه من الأفضل أن أكتب في هذا الزمن رواية والذي يريد أن يحول هذه الرواية إلى فيلم أو مسلسل أن يتفق معي خطياً.
قبل الاستطراد أود في لفت القراء الكرام إلى هذه الملاحظة أنني في كتاب «أحاديث وحوارات لحنا مينه» للناقد المعروف محمد دكروب، قلت إن الرواية ستكون ديوان العرب في القرن الواحد والعشرين لأني استقرأت جو الرواية في العالم، فقامت علي قيامة الذين كذبونا ودواوين الشعر تحت وسادتهم، زاعمين أن حنا مينه يكره الشعر، مع أنني أحفظ من الشعر ليس في الإسلام والعهد الأموي والعباسي فقط، بل في الجاهلية أيضاً، لكن الرواية ستكون ديوان العرب مسألة لا تتعلق بالمزاجية بل بالموضوعية، هذه التي لا يقيمون لها وزناً غالباً، فانبروا إلى توجيه كلمات قاسية لي، ولكن عندما صارت الرواية ديوان العرب، في القرن العشرين ليس في القرن الواحد والعشرين كما قلت، تسابقوا إلى تبني هذه النظرة.. وأخوتنا في مصر الذين هم أساتذتنا ومصر بيت الثقافة العربية بامتياز.. إلا أن المسألة هي التالية: في سورية إذا نبت كاتب له موهبة يوترون أقواسهم ويرمون سهامهم في الجانب الأيسر من سطره، لذلك كتبت مقالي المعروف «الناجح عندنا معاقب». أما في مصر فإذا كانت هناك موهبة في أي جنس من أجناس الإبداع رفعوه إلى أعلى، وهذه مفارقة موضوعية لا دخل للعاطفة أو للهوى أو للمودات فيها، لكنني أفاجأ منذ مدة قصيرة بناقد مصري يزعم أن مقولة الرواية ديوان العرب سبقني إليها كاتب مصري في القرن التاسع عشر.
أما بالنسبة للسؤال المهم عن نهاية رجل شجاع، فإنه أسهم إلى حد كبير في أن يكون رافعة للدراما في بلدي العزيز سورية، وذلك أن هذا العمل مأخوذة عن كتاب اشترته الشركة المنتجة بالمبلغ الذي أطلبه عادة وهو مليون ليرة سورية أو ما يقابله من عملات أجنبية.. إن هذا المسلسل الذي نهض بالدراما السورية نهوضاً لم يسبق إليه، خرّج أبطالاً سوريين في مهنة التمثيل الرائعة والمباركة.
المسلسل كان محبوباً وجاءت الهواتف والرسائل «هل هذه حياة المرافئ ؟» فأجبت هذه حياة المرافئ في طول الدنيا وعرضها لسبب بسيط إن حنا مينه الكاتب المشهور الآن كان عتالاً في المرفأ «مرفأ اللاذقية» لأنه لا يكتب إلا ما رآه وعاشه وعاناه معاناة صادقة، لقد قام الصديق الصدوق حسن م يوسف بكتابة السيناريو وأضاف لمسات مهمة جداً على النص، وأنا أشكره وأدعو له بالتوفيق والصحة الجيدة، لأن ثمة من انبرى للقول إن حسن م يوسف أساء للرواية التي كتب السيناريو لها، وهذا الدس الرخيص منبوذ مني ومن كل من يرغب في قول الصدق، والصدق وحده، وهذا ما قلته في الإذاعة مراراً.. وبالمناسبة إن النفاق صارت له ثقافة في حياتنا، وفي الزمن الرديء هذا، وأقنعت القارئ والمشاهد بحدث الرواية وبحدث السيناريو بشكل ارتحت له حقاً.. إن مسلسل نهاية رجل شجاع الذي نهض بالدراما السورية من الحضيض إلى الأفق قد أخرج أبطالاً هم من الذين لهم شهرة كبيرة الآن، وأولهم الصديق أيمن زيدان الذي كان يلعب أدواراً صغيرة وأتاح له المسلسل أن يبرهن عن مقدرته بالتمثيل، فصار مشهوراً الآن وصديقاً حميماً لي وللآخرين الذين يقدرون المواهب.
إن سيدة المسرح، بغير منازع السيدة منى واصف فنانة كبيرة جداً لعبت على مسرحنا أدواراً مهمة ومثلت في كل أعمالي.
عبد الرحمن آل رشي الذي لعب دور العجوز الحاكم المطلق في المرفأ قد أدى دوره ببراعة فائقة عرف كيف يستخدم صوته الجهوري الرخيم في أداء دور رئيس المرفأ المرحوم أبو هاني القدسي.
وكذلك الصديق العزيز الموهوب خالد تاجا الذي مثّل في كثير من أعمالي وفي هذا المسلسل الذي نحن بصدده.
إنني وقد تقدمت بالعمر كثيراً، وأعرف أن لكل أجل كتاب لا أزال أواصل هذه المهنة التي هي اللذة الكبرى والرذيلة الكبرى ولا خلاص منهما سوى بالموت، أعترف أن الذين لعبوا أدواراً في مسلسل نهاية رجل شجاع قد صاروا أبطالاً الآن ومشهورين جداً مثل الصديق أيمن زيدان وسوزان نجم الدين، ومثل سعد مينه الذي أدهش الناس بأداء دوره في مفيد الوحش الصغير، «ومفيد الوحش الذي قطع ذنب الجحش» إلى كل الممثلين أجادوا وصاروا معروفين الآن وتستند إليهم البطولة في أدوار درامية كثيرة ».

التاريخ:الثلاثاء24-5-2022
رقم العدد :1096

آخر الأخبار
سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق