الملحق الثقافي: رياض طبرة:
من الطبيعي أن تكون التربية بكل معانيها الايجابية ونتائجها على الفرد والمجتمع الطموح الأعلى للدولة والمجتمع معاً، فعلى ضرورة تحققها واستمرار نجاحها يتوقف نمو المجتمع وتقدمه.
ومن الطبيعي أيضاً أن تكون المستهدف الأهم في كل حرب معلنة أو مخفية، وإذا كان العدو الوجودي لنا كأمة وكأفراد يخشى من شيء فإنما يخشى نجاح التربية في مهامها وتحقيق غاياتها ألا وهي:
– ربط التعليم بمفهومه الأخلاقي.
– إزالة الأمية كحالة بدائية من غير المقبول أن تبقى في القرن الحادي والعشرين على ألا يتم استبدالها بحالة جديدة من الأمية هي في حقيقتها أكثر خطراً وأشد دماراً من تلك الظاهرة.
– تكامل التربية المدرسية مع جهود الأسرة، ومواجهة أمراض الشارع.
– تحقيق الصحة للناشئة وفق البرامج التي يتضمنها التعليم وترتقي بها العملية التربوية.
– الصحة النفسية وهي في المقدمة من كل اهتمام وللأهل دورهم إلى جانب ما تبذله المؤسسة التربوية.
– الصحة الجسدية وما تقدمه الرياضة من عالم غني بكل مفيد.
– مكافحة الانحراف بكل أشكاله وتدريب الناشئة على الصدق كقيمة عليا تتقدم على ما عداها.
– تنمية القدرات الذهنية لدى الطلبة وتوجيهها لخدمة المجتمع بعيداً عن الصورة الذهبيىة التي رسمها الماضي لاختصاصات بعينها.
– تعزيز روح البحث عن مخارج لأي أزمة تعترض الفرد والأسرة في ظل قراءة واقعية تستند إلى حقائق وأرقام.
– مكافحة الخرافة وما يتصل بها من جوانب تبعث على انتظار تغيير من خارجنا أو خارقا لقدراتنا.
– مكافحة المظاهر القاتلة في المجتمع الاستهلاكي، والسعي قدر المستطاع لبث العقلانية في السلوك العام.
– إعادة الاعتبار للعمل كقيمة أساسية في تحديد موقف الفرد والمجتمع من الآخر.
– محاولة بناء الشخصية العصامية على أسس حديثة من التربية تعزز من ثقة وطموح الغالبية العجزة عن امتلاك شق طريقها.
وغير ذلك كثير ولا مجال لحصر دور التربية وأهميتها ولما تصبو العملية التربوية من أهداف ومرام، فالتربية في تعريف من تعريفاتها هي أهم الروافع التي تتصدى للواقع المثقل بالأخطاء لتصحيحه وإعادة التوارن للمجتمع والدولة.
ومن أجل ذلك لابد من ذكر بعض المعوقات التي تقف اليوم بقوة في وجه العملية التربوية ونجاحها من قبل مراقب بعيد عن المؤسسة وقريب إلى حد ما من قضاياها الأساسية.
– إن أخطر ما تعرضت له التربية خلال الحرب الظالمة على سورية هو هذا الحقد الدفين على بناها التحتية بحيث تم استهداف المدارس والجامعات والمعاهد وبشكل يومي وربما على مدار الوقت لتعطيلها كلياً.
– وكذلك ما ظهر من دعوات حاقدة لطمس الهوية الوطنية والقومية واستبدالها بانتماءات أخرى تفتيتية.
– نشر الانحرافات في السلوك على أنها أحد مظاهر العصر التي يمكن لمجتمعنا أن يقبل بها كأمر واقع في ظل الحرب.
– تخريب الناشئة بالمخدرات وباقي مفردات الانحراف.
– ثم لا يخفى على أحد مدى تأثير الفقر والبطالة على ارتفاع منسوب الجريمة البسيطة والمنظمة وكل أنواع الجرائم، فالفقر هو المناخ المناسب لنشر الجريمة، في ظل غياب التربية.
– استهداف الطبقة الوسطى على نحو منظم بهدف إلغاء دورها كصمام أمام في المجتمع وتعزيز الانقسام الطبقي بحيث يكون حاداً فتزداد معاناة التربية في الوصول إلى أهدافها.
إن سياسة افقار الشعوب باتت اليوم التأكيد الواضح والصريح عن طبيعة النظام العالمي المتوحش وعن مرحلة التغول التي وصلها، والهدف ليس مخفياً أبداً وليس هناك من تفسير للعقوبات الظالمة والحرب الاقتصادية على الشعوب غير هذا.
وليس بمقدور أحد أن يكلف المؤسسة التربوية أكثر مما تحتمل وإن كان الطموح أن تتجاوز هذا الواقع في ظل ثورة التواصل الاجتماعي، وما تفرزه من نتائج سلبية على الناشئة ما لم تقم التربية بدور مضاعف وتجد السبل الكفيلة لنجاح مهامها في بناء الانسان والذي هو الغاية الأسمى أو غاية الغايات.
وعندي أن التحدي الأكبر الذي يواجه التربية بدءاً من البيت وليس انتهاء بالمدرسة والجامعة هو هل تقدر التربية على جسر الهوة مابين الناشئة والكتاب؟ أو ردم الخنادق التي تباعد ما بين الشباب وبين الثقافة.
إن أخطر ما نعانيه هو هذه القطيعة بيننا وبين الكتاب مع أننا أمة (اقرأ) فكيف يصح أن ندعى خير أمة للناس ولا صلة يعتد بها مع الكتاب والقراءة؟.
ومثل ذلك هو استمرار حالة العزوف الثقافي بعدما شغلتنا الحياة بمصاعبها عن الاضطلاع بالثقافة والتثقيف كضرورة حياتية لا بد منها.
التاريخ:الثلاثاء24-5-2022
رقم العدد :1096