ثورة أون لاين:
بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
في المقاربات المباشرة والخلاصات الأولية السريعة، من الصعب فك الارتباط بين التصعيد الأميركي السياسي والدبلوماسي وبين الرغبة الإسرائيلية المباشرة وغير المباشرة في التسخين العدواني على الأرض،
انطلاقاً من بديهية العلاقة الناظمة للتحركات والتي تستقي معطياتها من حالة التطابق في المصالح والأطماع على حد سواء، ولو اختلفت لهجة المحاكاة حيالها ظرفياً أو مرحلياً.
لكن في سياق الأهداف تبدو الغايات العملية متبعثرة ومتعثرة في الآن ذاته، خصوصاً إذا اقترنت بالتداعيات المتدحرجة التي تتسارع تباعاً، حتى لو تطابقت افتراضياً، بدليل أن التبرير الإسرائيلي يخرج في بعض جزئياته عن التسويق الأميركي، ولا تبدو إدارة أوباما معنية بالدفاع فحسب، بل ايضاً بإحصاء ما ينتج كمؤشر على خطوتها اللاحقة.
هذا لا يعني أن هناك فارقاً كبيراً في التوجهات ولا في الحسابات بقدر ما تعكس إقراراً مزدوجاً بأن البدائل والأدوات والوسائل وحتى الخيارات المستخدمة سابقاً – بعيداً عن توريط إسرائيل مباشرة – لم تكن مجدية في ترجمة لحالة عجز واضحة وصريحة، في تقديم ما يمكن أن يغير في اتجاه المعادلات التي ترسمها معطيات الميدان وإحداثيات السياسة، ببعديها الإقليمي والدولي.
بدليل أن العدوان إسرائيلياً والتصعيد أميركياً، يقابلهما على الضفة الأخرى جملة من المعطيات المعاكسة تماماً، حيث الميدان يكسب سورياً المزيد من الجولات المفصلية والمؤثرة، وفي السياسة بدأت المفاهيم العائمة التي تقدمها أميركا تتراجع، لتحل مكانها بالتدريج الأصوات المحذرة من ارتدادات الإرهاب الذي تشجعه أميركا أو تغض الطرف عن أدواتها الممولة له، والحاضنة لأذرعه المختلفة في المنطقة وخارجها.
على النسق ذاته، لا يبدو العدوان مجرد استجابة عاجلة وفورية لرسائل التسخين الأميركية، حين أرادت من خلالها إدارة أوباما أن تخلط الأوراق تحت ضغط الإحباط المتسارع الذي يلاحق مرتزقتها وإرهابييها على الأرض السورية، بل يمتد أبعد من ذلك ليقدم اجابات مباشرة تربط بين ما يجري على الأرض وما يتم في الدبلوماسية وهي تخرق القانون الدولي ومعاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية.
وهذا ينسحب على كل المؤشرات الموازية التي تتلاحق في تتابع مثير للانتباه، ولافت على مستوى اللجوء الاميركي المتزايد إلى تغيير في التكتيك دون أن يطول عمق الغاية والهدف رغم كل الدلائل على الفشل المتلاحق، وحين تستخدم آخر ما في الجعبة وتزج بإسرائيل كآخر ورقة، فإن ثمة ما يشير إلى أن أميركا الباحثة عن جوائز ترضية تغطي من خلالها الفشل الذي منيت به، تعمل بكل ما لديها من أجل استمرار الجبهات التي افتعلتها، مشتعلة حتى وقت آخر.
الفارق بين ما مضى وما هو قادم يتسع باستمرار، بدليل أن الدجل الأميركي مضافاً إليه العربدة الإسرائيلية، لا يمكن أن يسوّق رواية يمكن التعويل عليها، ولا متغيراً يمكن الرهان عليه، سوى كونه يدفع بالمنطقة برمتها باتجاه أخطر الاحتمالات، ويستحضر كل الخيارات لتقف على فوهة بركان مشتعل، والحمم التي يقذفها لن تبقى محصورة في البقع والمناطق التي تريدها أميركا أن تبقى مشتعلة، بل ستمتد بالضرورة.
وحين تمتد لن تجدي رسائل التصعيد الأميركي، ولن تكتفي بما يقدمه العدوان الإسرائيلي من إجابات، في ظل الصمت الأممي رغم الحديث عن خطأ في تجاوز السياج التقني، ولا ينفع الاحتماء بالإرهاب ليكون شعاراً متلوناً ومتبدلاً وصالحاً للاستخدام في كل الاتجاهات، وتدرك أميركا كما تعرف إسرائيل أن خيوط اللهب كلما ارتفعت ازدادت مساحة شراراتها وأول ما تحرق سيكون جوارها وأكثر من يتأذى بها من يؤججها.
رسائل التسخين الأميركية تقدم الإجابة عنها وقائع العدوان.. فيما الخطوات الجوابية على هذه وتلك قادمة فلا تستعجلوا انتظارها وهي لن تطول، بل قد بدأت، فكما أن الأهداف تعددت حيال ما تفعله أميركا وما تقوم به إسرائيل، كذلك هي الخطوات الجوابية ولكل مقام مقال، لتكرس وقائع لن يكون ما قبلها صالحاً للعمل بمقتضاه بعدها، وقادم الأيام قرينة، كما هو شاهد إثبات.