إذا كانت فعلا “التجارة شطارة”، سنكون في موقف صعب لانحسد عليه.
عبارة التقطها العاملون في قطاع تجارتنا بالعموم، بشكل خاطئ ظهرت من خلال العلاقة المختلة بين التاجر والزبون، وكان الأخير دوما ضحية للأول.
لكن ليست هذه بالتجارة وليست شطارة، بل الشطارة في مكان آخر بعيدا عن الأسواق الداخلية، وسباقات الشكوى والتذمر. إنها هناك في الخطوط الواصلة بين الأرض أو المصنع السوري وبين أسواق العالم، التجارة الخارجية لاسيما في الاتجاه الذاهب.
التصدير وليس الاستيراد، هو الاعتبار و المعيار الأكثر صوابا لقياس “شطارة” تجارنا، فإلى أي حد يمكن للتاجر السوري أن يدعي الشطارة؟
كل ما يتم طرحه اليوم في الوسط التجاري من قبل تجار كبار يتعلق بمطالب ومقترحات تخص فتح المزيد من أبواب الاستيراد، لكن الجميع يصمت عندما يكون الحديث متعلقا بالتصدير، لا مطلب لا رؤية ولا مقترح، وكأن التجارة مفهوم يقتصر على الاستيراد وحسب..!!
الحقيقة أن الحكومة وعبر وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، لم تترك سبيلا لدعم عملية التصدير إلا وسلكته، ولدى وزارة الاقتصاد حزمة ثخينة من برامج دعم الإنتاج ومن ثم الصادرات، لكنها كلها بحاجة إلى حلقة أخيرة مكملة لها، ليست في الوزارة وإنما في قطاع الأعمال التجاري و هي حلقة المصدرين، التي مازالت قاصرة على مايبدو.
قطاع الصادرات يحتاج فعلا لإعادة تأهيل وترتيب، لأن العشوائية أو “العفوية” كما يفضل المعنيون في وزارة الاقتصاد تشذيب المصطلح، مازالت هي الغالبة على علاقة المصدر السوري مع الأسواق الخارجية.
ترتيب ومأسسة تجتهد الوزارة على إنجازه من خلال إجراءات متممة لمجمل البرامج الداعمة للإنتاج والتصدير.
بالأمس تم إطلاق موسوعة المصدر السوري، وغدا سيتم تخريج دفعة من متدربي دبلوم التصدير الاحترافي، وهناك سلسلة ترتيبات تصب كلها في خانة المساعي الجادة لتنظيم هذا القطاع، الذي بات إنعاشه خيار إنقاذ اقتصادي مصيري.
وزارة الاقتصاد فعلت وتفعل ماعليها فعله و “بشطارة” أيضا..وبقي أن يرينا تجارنا ومصدرونا شطارتهم، لأن الشطارة ليست في اصطياد مواطن أرعن تحت ضغط الحاجة، بل في اصطياد واختراق أسواق خارجية، وهذا ليس مستحيلا بلدنا حافلة بالمقومات والميزات التي لم يحسن مصدرونا استثمارها حتى اليوم.
أخيرا.. نقترح أن نستورد مصدرين بدلا من استيراد السلع، فقد نجد في هذا العالم من يقدر ميزات الاقتصاد الإنتاجي السوري، ويبرع في استثمارها بما أن مصدرينا قد أخفقوا..؟!

التالي