جميل ذاك الحديث عن الاستثمار وضرورته وأهميته في هذه المرحلة، وجميل أيضاً الإشارات المتواترة التي تدعو للاستفادة من الفرص الثمينة التي وفرها قانون الاستثمار الجديد ومزاياه ومحفزاته..وما بني على كل ذلك من دعوات مرحبة بعودة الأموال المهاجرة، واستقبال الأموال الصديقة العربية والأجنبية الطامحة لإقامة استثمارات ذات جدوى اقتصادية وريعية عالية..
ولعلها مناسبة لنعود بالذاكرة إلى سنوات ما قبل الحرب العدوانية على سورية ليس لمقارنة مشهد بمشهد، وإنما لنقف على جملة من المعطيات التي توفرت في تلك المرحلة والتي استطاعت أن تدفع بعجلة الاستثمار قدماً نحو الأمام، رغم الكثير من الصعوبات التي ظهرت في حينها القانونية منها والإدارية والتمويلية وغيرها..
ففي قانون الاستثمار الجديد توفرت جل النصوص اللازمة لتشجيع رأس المال ليقدم على خطوات جادة بإقامة مشاريع تنموية نوعية خدمية وصناعية متنوعة، لكن بقي هناك جوانب تحتاج إلى اتخاذ قرارات جادة فيها لتتكامل مع البيئة التشريعية المناسبة الناشئة من نصوص ومواد القانون الجديد، ومن هذه الخطوات المطلوبة اليوم نجد ضرورة أن تتكامل البيئة التمويلية مع البيئة التشريعية الخصبة بما يعطي الاستثمار دافعاً جديداً نحو الأمام، إلى جانب التوسع في اعتماد التحكيم التجاري كبديل عن المحاكم العدلية، لضمان سرعة فض النزاعات التجارية التي قد تحصل وإعطاء مرونة أكبر للمستثمرين في متابعة حقوقهم.
قد تكون ظروف الحرب العدوانية على سورية والحصار الاقتصادي الجائر وما لحق ذلك من تداعيات على سعر الصرف وأسعار المواد الأولية والمحروقات وحوامل الطاقة، كل ذلك قد يكون من العوامل المنفرة لأي استثمار، وعليه يمكن الانطلاق من هنا في البحث عن حلول لهذه المشكلات التي تجعل المستثمر يعد لأكثر من الألف قبل أن يقدم على خطوة استثمارية يراها غير محسوبة النتائج.
إن السعي نحو تشجيع الاستثمار وفتح فرص لجذب المزيد من رؤوس الأموال مسألة ذات ضرورة وأولوية في مثل ظروفنا الحالية، وإن كان قد صدر قانون نموذجي ومواكب وجاذب وفر بيئة تشريعية جيدة، إلا أن ذلك يستتبع خطوات بالتوازي مع ذلك لإكمال المشهد وجعله يبدو أكثر إشراقاً في عيون المستثمرين والبحث عن أية ثغرات قانونية أو إدارية أو غيرها فيما يتعلق بالتراخيص والتمويل والتقاضي وغير ذلك، والعمل على تجاوزها عبر تعليمات أو بلاغات أو قوانين تسهم في الوصول إلى جذب أعلى لرؤوس الأموال الباحثة عن استثمارات آمنة ومضمونة..