قبل 22 عاماً تمكنت المقاومة الوطنية اللبنانية من دحر المحتل الصهيوني عن القسم الأكبر من أراضي جنوب لبنان، فصنع رجال المقاومة بإنجازاتهم وتضحياتهم عيد المقاومة والتحرير، تحتفل به أجيال المقاومة، وكل الأحرار والشرفاء في العالم، يوم الخامس والعشرين من أيار في كل عام.
هذا الانتصار الكبير، والذي كرس معادلة قوة حقيقية لا يستهان بها، كان لسورية فيه الدور البارز نظراً للدعم الكبير الذي قدمته ولم تزل للمقاومة، وهذا الدعم المتواصل أثمر انتصاراً جديداً للمقاومة في تموز عام 2006 عندما ألحقت هزيمة نكراء بالعدو الصهيوني، لا يزال حكامه وداعميهم يعيشون تداعياتها حتى اليوم، وما تتعرض له سورية اليوم من حرب إرهابية، وحصار أميركي وغربي غير مسبوق، هو بسبب مواقفها المبدئية الداعمة لحركات المقاومة المشروعة ضد الاحتلال والإرهاب والعدوان.
سورية لطالما تمسكت بخيار المقاومة ضد المحتلين والغزاة كحق مشروع كفلته القوانين الدولية، وثقافة المقاومة هي بالأصل متجذرة لدى الشعب السوري منذ الأزل، وجذوتها لطالما اشتعلت بوجه كل غاصب ومحتل وانتصرت، واليوم يشاهد العالم كيف يقاوم السوريون الإرهاب وداعميه بكل بسالة وصمود، وكيف يضحي رجال الجيش العربي السوري بأرواحهم دفاعاً عن الوطن وعزته وكرامته، وكيف يواجه الشعب السوري الإرهاب الاقتصادي الأميركي، والحصار الغربي الجائر، وهذه مقاومة صلبة خاضها السوريون مرات عديدة في مراحل سابقة عبر نضالهم الطويل، وقد انتصروا بإرادتهم وعزيمتهم، وكلهم إيمان بأن ثمن خيار المقاومة أقل بكثير من ثمن الاستسلام.
اليوم تقاوم سورية الإرهاب بكل أشكاله وعناوينه، والاحتلالين الأميركي والتركي لأجزاء من الأراضي السورية يجسدان أعلى درجات هذا الإرهاب، وهما تجاوزا مسألة احتلال الأرض والقتل والتشريد، إلى الإمعان بأساليب اللصوصية والنهب، وهذا يزيد السوريين إصراراً على التمسك بخيارهم المقاوم، وارتفاع وتيرة عمليات المقاومة الشعبية ضد هذين الاحتلالين ومرتزقتهما الإرهابيين في المناطق التي يسيطرون عليها، هو انعكاس واضح لحالة الرفض الشعبي لوجودهما غير الشرعي، وينم أيضاً عن حالة وعي وإدراك لدى عموم السوريين بأن وجود هذين المحتلين ودعمهما المفرط للتنظيمات الإرهابية، هو سبب رئيسي لمعاناتهم الاقتصادية والمعيشية، وهذا يرسخ لديهم القناعة أكثر بأن المقاومة هي الخيار الناجع لطردهما، ودحر أدواتهما الإرهابية، فهم يقدسون كل ذرة تراب من أرضهم، ويمتلكون إرادة صلبة للدفاع عن بلدهم، ومن يحمل جذور هذه المقاومة الحية، فلا بد أن ينتصر.