بعد سنوات من البذل والعطاء للمؤسسة التي يعمل بها لا يلبث أن يجد الموظف نفسه خارج مظلة التأمين الصحي بمجرد إحالته إلى التقاعد، هذا في الوقت الذي تزداد فيه حاجته إلى التدواي والرعاية الطبية في معظم الأحيان بحكم تقدمه في السن وإجهاد السنين.
أدرك هذه الحقيقة أرباب العمل القائمون على المؤسسات والجهات المختلفة التي تضم آلاف العمال والموظفين، ونتيجة للمطالبات المتكررة فقد تم الإعلان قبل فترة عن إعداد مشروع مرسوم للتأمين الصحي للمتقاعدين، وافقت عليه الحكومة وأحالته إلى مجلس الشعب.
وبموجب هذا المشروع تدعم خزينة الدولة تأمين المتقاعدين بنسبة 90% ، ويستفيد منه حوالي 800 ألف متقاعد، ويحق لجميع المتقاعدين في سورية الحصول على بطاقته التأمينية حتى المتقاعدين الذين يملكون تأمين صحي نقابي كالمعلمين وغيرهم. ومن تفاصيله أن تتراوح قيمة القسط السنوي مابين 45_50 ألف ليرة سورية، تتحمل خزينة الدولة منها 90%، وبناءً عليه فإن حامل البطاقة التأمينية يدفع منها حوالي 5000 ليرة سورية بالحد الأقصى، أي أقل من 500 ليرة سورية شهرياً.
اليوم يصبح الإسراع في تشميل العاملين المتقاعدين في التأمين الصحي من خلال تهيئة البنية التشريعية المناسبة مسألة أشد إلحاحاً مع المعاناة التي يواجهها الكثير من المتقاعدين لجهة تأمين وتغطية احتياجاتهم الطبية والدوائية بعد الانخفاض المستمر في القيمة الشرائية لأجورهم التقاعدية بما لا يعطي النفقات التي يحتاجونها عند التعرض لحالات مرضية في ظلّ موجات الغلاء الحاصلة على أجور المعاينات الطبية والوصفات والتحاليل.
وتجدر الإشارة إلى العقبة التي واجهت توسيع قاعدة المشملين بالرعاية الطبية لتضم فئة المتقاعدين، وهي ما أظهرته قاعدة البيانات الموجودة لدى المؤسسة من وجود خلل كبير لناحية استخدام كميات من الأدوية أكثر من اللازم وخصوصاً الأدوية المزمنة منها، وهو سلوك خاطئ اعتاد عليه مجتمعنا فيما مضى نظراً لرخص أسعار معظم الأدوية عموماً قياساً إلى الدول الأخرى ولغياب الوعي لدى المواطنين بمخاطر ذلك وغياب الجهة التي تضطلع بمهمة التوعية.