شكّل منظر ذلك الفلاح الذي قام برمي محصول “الخيار” بالنهر احتجاجاً على انخفاض سعره في طرطوس ردود أفعال متباينة بين مؤيد ومعارض لهذا العمل..!!
المعارض لهذا التصرف اعتبر أن هذا الإجراء غير المسؤول ينمّ عن إثارة العواطف و إبراز عنتريات في غير مكانها..
الكلّ يدرك ابتداءً من الفلاح والاقتصاديين المتابعين والمتخصصين أن هناك مرحلة من العام مع قدوم فصل الصيف يكثر الإنتاج و تختل معادلة العرض والطلب لمصلحة العرض الكبير بسبب وفرة الإنتاج ..
هنا أمر طبيعي أن تنخفض الأسعار، ولكن هذه المعادلة لم تلبث أن تعود إلى التوازن وإعادة ارتفاع الأسعار تماماً كما حصل في كثير من المواسم ابتداءً من الثوم و ليس انتهاء بالفروج .. هي سياسة السوق المزاجية التي تتعرض لهزات متتالية بسبب ضعف السياسات الزراعية وغياب منهج التسعير المنطقي الذي يستند إلى تكاليف الإنتاج الحقيقية بما يضمن حق المنتج والمستهلك..
كثيرون ممن عارضوا هذا التصرف تساءلوا: ماذا لو قام هذا المنتج بتوزيع محصوله المرمي بالنهر على من هم بحاجة وخاصة في ظلّ الوضع المعيشي الصعب؟!
أما الذين تعاطفوا مع هذا المنتج انطلقوا من ارتفاع تكاليف الإنتاج في ظلّ غياب شبه مطلق لعوامل الطاقة.. الأمر الذي يضاعف الخسائر إلى أن تصبح مركبة.. محملين المسؤولية على سياسة الحكومة بخصوص دعم الزراعات.
بكل الأحوال نقول: كما كان معظم المنتجين راضين عن الأسعار المرتفعة و ما حققوه من أرباح خلال المرحلة الماضية يتوجب عليهم استيعاب سياسة السوق وعدم العبث بمشاعر المواطن و القنوط أو الشعور بالإحباط.. خاصة وأن الفلاح كان الأداة الإيجابية والحقيقية في دعم الصمود و مقاومة إجراءات الحصار القسرية ..
نحن هنا نتعاطف مع الفلاحين والمنتجين لما تحملوه خلال الفترة الماضية والحالية من خسائر كبيرة.. كما أننا نقدر جهودهم و موقفهم في استمراريتهم بالإنتاج رغم الصعوبات.. ورغم الظلم.. السماسرة هم المستفيدون.. و الفلاح والمستهلك هما الخاسران دائماً في هذه المعادلة الزراعية المعقدة والتي تعثر حلها عند أصحاب الحل والربط ..!!
مثلاً البندورة حافظت على سعر عال لفترة طويلة.. أما اليوم فنرى أن سعرها انخفض إلى أكثر من النصف مثلها مثل كثير من أنواع الخضار فهل يكون الحل برمي الإنتاج؟
يوم لك و يوم عليك.. هو المبدأ الذي يلاحق معظم المنتجين سواء أكان الإنتاج زراعياً أو صناعياً.. و علينا أن نكون على قدر المسؤولية في ظلّ حصار وعقوبات أدت إلى انعدام مقومات الحفاظ على التوازن.