” ديزني التي انحرفت.. “

 

في قضية شائكة تثار حديثاً، وتتنوع المواقف حيالها في العالم أجمع بين رفض، واستنكار شديدين، وقبول لها، وتسامح معها بحجة الحرية الشخصية، ألا وهي قضية (المثلية) التي أثارتها شركة (ديزني) العالمية، خاصة وأنها تعتبر الأولى فيما يقدم للأطفال من كل الأعمار من أفلام ترفيهية، وتعليمية تناسبهم، حتى لمَنْ هم في بداية المرحلة العمرية الأولى.

هذه الشركة ذات التاريخ العريق في عالم الطفولة، وقد أنتجت آلاف الأفلام بين القصيرة منها، والطويلة استطاعت من خلال أجوائها السحرية، والشخصيات التي ابتكرتها أن تستحوذ على مشاعر ليس أغلب الأطفال بل جميعهم دون استثناء منذ الربع الأول من القرن الماضي، واستمراراً حتى يومنا هذا.. ليس جديداً ما نعرفه من دس السم في العسل فيما تطرحه من رؤى، وأفكار، وقيم لا توافق مجتمعاتنا العربية بحال من الأحوال، إلا أننا مازلنا نلجأ إلى منتجاتها لنقدمها لأطفالنا مادامت البدائل الأخرى غير متوفرة، أو أنها لا ترتقي إلى المستوى الفني العالي الذي تقدمه هذه الشركة الأميركية الكبرى وهي تنفق في سبيله أموالاً طائلة، وتستقطب إليها أبرع الرسامين، والكتّاب، والمخرجين. والموسيقيين.. والأمر لم يقف عند هذا الحد بل إن لها مدناً للترفيه تنتشر في عدة بلدان تبهر الكبار قبل الصغار، ليخرج الزائر منها مشبعاً بالمرح، والدهشة، وسحر الخيال.. أما منتجاتها الأخرى من ألعاب ودمى على هيئة الشخصيات التي ابتكرتها فتكاد تملأ الدنيا.

سلعة ترفيهية لم تعد الحاجة ملحة لاستيرادها ذلك إنها أصبحت متاحة وبوفرة على شكبة المعلومات، ومنصتها تبث ما تكتظ به مكتبة (ديزني) من أعمال فنية اختزنتها على مدى قرن من الزمن، وأجيال تليها أجيال تتفتح على ما تسربه هذه الأفلام إلى عقول الصغار ونفوسهم حتى كادت تخلق لديهم نوعاً من الاغتراب عن الذات عند مقارنة واقع حقيقي يعيشه طفلنا العربي اليوم وما تبثه شاشات (ديزني) من واقع برّاق يلتمع بكل ألوان الطيف، وكأن عالم الطفولة مغلق على البهجة، والفرح الدائمين فقط.

ومقابل ما أتخمنا به من دراما للكبار فاقت قدرة الفضائيات على بثها نكاد لا نجد عملاً واحداً أو أكثر من الدراما، أو الرسوم المتحركة للصغار، وكأننا اعتمدنا بشكل كامل على ما نتلقفه من الغرب، وانتهى الأمر على هذا الحال، ولم نعد بحاجة لإنتاج ما نتوجه به للطفل العربي على وجه التحديد، بينما نحن أحوج ما نكون إلى إنتاج عربي يبث القيم العربية، والأخلاق التي نغرسها في النفوس الغضة، والنموذج الإنساني الذي نقدمه لأبنائنا ليكون القدوة والمثال، عوضاً عن أن نقذف بأبنائنا في أجواء ليست منا، غريبة عنا، ولا تعود علينا بحصاد سليم البذار.

وإذا كنا في سنوات خلت لا نعي تماماً ما نقترفه بحق أطفالنا فعلينا أن نلتفت اليوم إلى ما يجب فعله بعد أن أصبحت تلك البضاعة الغربية مؤخراً فاسدة، ورديئة، ولا يجوز بحال من الأحوال الاقتراب منها وهي تروّج لأوضاع شاذة تطرح من خلالها قيماً جديدة باسم الحرية، وعدم التمييز، وهو ما ترفضه عموم المجتمعات، ولا تستثنى منها تلك الغربية ذاتها التي أفرزتها، فما بالنا بمجتمعاتنا العربية، والشرقية التي تضبطها القيم، والأعراف، وما اتفق الناس عليه من ضوابط الأخلاق، والسلوك.

فهل سنحمي أسوار الطفولة من أن تهدمها مثل تلك الأفكار التي تبثها منتجات هذه الشركة، وهي الأشهر، والأنجح عالمياً؟ ولنا بالتالي أن نتساءل: أين البدائل الأخرى، والعربية منها على وجه الخصوص وهي من الضرورة بمكان بحيث لا يمكن الاستغناء عنها في عوالم الطفولة ليس للتسلية فقط وإنما لبث القيم، والمثل، والتعلم، وإطلاق الخيال؟ أما آن الأوان لأن يكون للطفولة حصتها من السينما، والدراما التلفزيونية، وما تتيحه الرقمية، تغنيها وتعوضها عما يمكن حجبه عنها لحمايتها؟.

دعوة ربما تتبعها التفاتة فتثمر غرساً طيباً في واحة الطفولة.

* * *

آخر الأخبار
وزير الاقتصاد يلتقي ممثلين عن كبرى الشركات في واشنطن التحويل الجامعي.. تفاصيل هامة وتوضيحات  شاملة لكل الطلاب زيادة مرتقبة في إنتاج البيض والفروج أول ظهور لميسي مع برشلونة… 21 عاماً من الإنجازات المذهلة  بيلوفسكي الفائز بسباق أرامكو للفورمولا (4)  خطة لتمكين الشباب بدرعا وبناء مستقبلهم   الألعاب الشتويّة (2026) بنكهة إيطاليّة خالصة  سوريا في قمة عدم الانحياز بأوغندا.. تعزيز التعددية ورفض التدخلات الخارجية   ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء في  طرطوس..  والريف محروم    "حظر الأسلحة الكيميائية"  تعتمد قراراً لتسريع إغلاق الملف الكيميائي السوري  عبدي يتحدث عن لقائه الشرع والتوصل لاتفاق لدمج "قسد" في الجيش السوري  نهائي بطولة الملوك الستة.. سينر وألكاراز يجددان صدامهما في الرياض تأهيل مدارس وشوارع "الغارية الغربية" في درعا على نفقة متبرع  قراءة في العلاقات السورية – الروسية بعد  سقوط النظام المخلوع  هل أنهى ترامب الحرب بغزة حقاً؟  بعد سنوات من الظلام.. أحياء حلب الشرقية تتفاءل بقرب التغذية الكهربائية  حادثة "التسريب".. خرق للأعراف أم محاولة للتشويش على التقارب السوري- اللبناني؟ ارتقاء أربعة من حراس المنشآت النفطية في استهداف إرهابي بدير الزور ترامب يوافق على عمليات استخبارية ضد كراكاس وفنزويلا تستهجن حرب أوكرانيا..هل سببت بتراجع نفوذ روسيا في الشرق الأوسط؟