الملحق الثقافي – محمد خالد الخضر:
في بداية ما اذهب إليه لابد من تعريف لغوي للشعر لأن الشعر هو ديوان العرب، وبداية منهجية للثقافة التي اعتمد عليها فالشعر هو الإحساس والعلم الموزون المقفى المعبر عن إحساس الشاعر والشعر المنثور ; قول يجري على منهج الشعر دون الوزن والشعور عند علماء النفس إدراك المرئ ذاته وأحواله وأفعاله ادراكا مباشرا هذا بعض ما جاءت به قواميس اللغة العربية إلى نتيجة مهمة فالشعر.. يأتي على موهبة تعتمد على الإحساس المباشر خلال تعامل الشاعر مع البيات المختلفة والحالات الاجتماعية والانعكاسات الذاتية التي تأتي نتيجة ذلك ثم جاءت الخطابة والنقد الأدبي والبحث الثقافي بكافة أنواعه وفي مجريات الحداثة جاء النثر والخاطرة والمقالة والموشحات وهي أشياء كلها تعتمد على الإحساس بمختلف الدرجات والأشكال.
بسبب ما جئنا به وجدنا أن الكاتب بمختلف المواهب وأنواعها يكتب بتأثر كم المجتمع وكم المفترض أن يقدم للمجتمع ما هو جديد وأرفع مما يعرفه إضافة إلى رؤى جديدة يقدمها فتؤثر بالضرورة تأثيراً إيجابياً وهذا أمر تؤثر به أيضا تربية الكاتب ثقافيا واجتماعيا فإذا بدأنا منذ بداية التاريخ الأدبي نجد أن الشنفرى نتيجة ما عاشه في الحياة الاجتماعية قال في قصيدته اللامية المشهورة : وإن مدت الأيدي لم أكن بأعجلهم إذ أجشع قومي أعجل.
وهذا حالة أخلاقية قد نفتقدها غالباً اليوم. وقال عنتره : وأغض طرفي ما بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها وعلى هذا السياق نجد طريقة البحث الأدبي والنقد أيضا والخطابة كلها سارت بالمستوى عينه الذي كان في مقدمة الثقافة والفنون، مما يدل على أن كل ما يكتبه الأديب أو غيره يقصد أن يقدم شيئا جديدا حتى يؤثر بالمجتمع ويذهب عبر التاريخ متنقلا عبر حلمه الجميل. وهذا أمر أحيانا ينعكس سلبا في حال كانت التربية الثقافية مختلفة كما هو عند امرئ وعمر بن أبي ربيعه وخلف الأحمر.
وهي أمور تنطبق تماما في العصر الحديث بين الشعراء والنقد والباحثين فيختلف مذهب أحمد شوي الشهري عن فخري البارودي وخليل مردم بك ونزار قباني وعن هؤلاء يختلف أيضا غسان كنفاني الذي استشهد برصاص الموساد اغنيالا بسبب ما ذهب إليه.
ونجد أن هذه الحالة اختلفت مؤخراً عند شدة وطيس المؤامرات التي استهدفت العرب والعروبة والثقافة وأصبح الكاتب أقصى مناه ان يصل إلى المنبر أو تصل إلى المنبر في حال من التصوير الفردي أو الجماعي الذي يعكس حالات انحطاط كثيرة بسبب الإقلاع عن الثقافة والقراءة والمطالعة وبسبب عدم التفاعل الاجتماعي المثقف وهذا أمر خطير جداً يستحق الكتابة عنه كثيراً وينطبق عليه ما قاله الشاعر نزار قباني : أحس بشيء فأكتبى شيئا بعفوية دون أن اقصد فيا قارئي يا رفيق الطريق أنا الشفتان وأنت الصدى.
العدد: 1100 التاريخ: 21 – 6 – 2022