الثورة – تحليل ريم صالح:
قائد الجيش البريطاني الجنرال باتريك ساندرز، دعا جنوده للاستنفار، وليكونوا على أهبة الاستعداد لأي معركة وشيكة، وقال إن أي مواجهة مباشرة مع روسيا ستعني اندلاع حرب عالمية ثالثة.
كلام الجنرال البريطاني، لا شك أنه يعكس نية حكومة بلاده في تأجيج التصعيد ضد روسيا، لاسيما وأن بريطانيا تعتبر أكثر الدول استجابة للرغبات الأميركية، وهي تشاركها في كل حروبها وغزواتها ضد الدول الأخرى الرافضة لنهج الهيمنة الأميركية والغربية، ولهجة التصعيد البريطانية، هي رسالة موجهة في المقام الأول لبعض الدول الأوروبية المترددة تجاه رفع سقوف التصعيد مع روسيا، خوفا من الارتدادات العكسية التي ستصيب تلك الدول في أمنها واستقرارها، إلى جانب انهيار اقتصادها. وفحوى الرسالة أنه على باقي الدول الأوروبية أن تحذو حذو بريطانيا، وتستعد لاحتمال توسيع دائرة الحرب التي تدفع باتجاهها الولايات المتحدة.
الجنرال البريطاني دق بتصريحاته النارية هذه ناقوس الخطر، ورفع من نبرته العدائية إلى مستويات تهديدية صريحة، ومباشرة، وغير مسبوقة، ومهد بكلامه هذا بشكل أو بآخر إلى تصعيد أخطر لاسيما عندما تحدث عن إمكانية اندلاع حرب عالمية ثالثة، لكننا في الوقت ذاته نعي تماماً بأن ساندرز يحاول هنا أن يشحذ من معنويات جنوده، وهم المهزومين في أي معركة مقبلة، فكيف إذا كانت هذه المعركة ضد موسكو.
ولكننا أيضاً يمكننا أن نقرأ من تصريحات الجنرال البريطاني أن لندن بدأت تتحسس رأسها، وتستشعر مدى الضعف والهشاشة الذي تعيشه القارة العجوز اليوم، والتي وصلت إلى نقطة انحدار غير مسبوقة، وتحديداً حيال الحرب الروسية الأوكرانية، فكل ما فعلته أمريكا، والدول الغربية، وما قدمته من تمويل للنظام الأوكراني، وما استقدمته من إرهابيين مرتزقة، وما قدمته، وروجته من روايات ملفقة، وما زادته من إنفاق عسكري وتسليحي، بلغ من جانب بريطانيا وحدها أكثر من 3 مليارات جنيه استرليني في كل سنة، وكل ذلك لم يجد نفعاً، ولا يزال الجيش الروسي يحقق تقدماً تلو الآخر، ويحول أهدافه المشروعة في إحلال الأمان والسلام للمواطنين الروس من شعارات نظرية إلى واقع ملموس.
ورغم أن ما لايختلف عليه اثنان هو أن المنطقة باتت اليوم على صفيح ساخن، ولا يمكن لأحد أن يعلم، أو يحسم سلفاً، إلى أين يمكن أن يصل التصعيد البريطاني الأوروبي الأمريكي ضد موسكو، وأين يمكن أن يقف، وما هي حجم الخسائر، ومن الذي سيدفع الثمن، إلا أن الثابت لنا جميعاً هو أن موسكو ماضية في إنجازاتها، وثوابتها ولن تتراجع عن مسارها التصحيحي، التقويمي، لسياسات الغرب المتأمرك الفوضوية الهدامة، وكل التهديدات البريطانية، والأوروبية، والأمريكية، بالتالي لن تكون أكثر من استعراضات بهلوانية، لزيادة منسوب الضغط على روسيا من جهة، ولمقايضة أوكرانيا بقمحها مقابل الحصول على أسلحة قديمة يريد الغرب التخلص منها لإحلال بدائل جديدة عنها.