الملحق الثقافي-د. ساندرا عفش:
قبيل سنوات قال نزار قباني : الكتابة فعل ثوري، فهل يمكن أن نقرأ قوله بذات التفاؤل؟ في الواقع لن تكون الكتابة كما رجا لها إن لم تمر من سواعد الشباب القادرين على قلب موازين الثقافة المحلية أو العربية.
مشكلة الكتابة في يومنا أنها لا تراعي كما يجب هذا التفجر التقني الذي نعيشه، ونتائج هذا التقصير خطيرة فعلاً، إذ إننا أمام جيلين منقطعين تمامًا على الأقل فيما يخص ثقافة الكتابة.
وأوجه ذلك أن الجيل الأقدم لم يعد يوجه كلامه للشباب، وإن كتبَ لهم، لأنه محدود بالأدوات القديمة التي لا تستهوي عصر السرعة، ولا يمرر رسالته عبر القنوات التي تعني الشباب، كما أنه لا يتناول الموضوعات بطريقة يمكن أن تجذب الدماء الحارة وتواكب تطلعاتهم، فنحن في عصر طغيان الصورة على الكلمة، ويجب على الكتابة أن تقدم نفسها مصوّرة ضمن الفنون المرئية التي أكلت ساحة التلقي لدى الشباب والجيل السابق معًا، وذلك بأن تُقدَّم الكلمة الحرة الفصيحة في صورة أو فيديو لتوصل رسالتها، وتدفع المجتمع نحو العودة إلى القراءة، لا بوصف القراءة فعلاً ثقافيًا فحسب، بل بوصفها سلوكًا يوميًا يدفع عجلة المجتمع نحو ما يطمح إليه، وبالانطلاق إلى نقطة أخرى نجد أن الكتابة صارت عملاً تراثيًا تقليديًا، يبهرنا كما تبهرنا الآثار، فنحاول تقليدها ما استطعنا ومن هنا طفق الشباب يلبسون العباءات القديمة ويجمعون الأنتيكات، فيهتمون بكتابة النظم والقصص التي تبدو بشكل خواطر هي أبعد ما يمكن عن الفنية القديمة والحداثية على حد سواء، لأن لقب «كاتب» أو «شاعر» أو «صحفي» بات زينة ومركزًا اجتماعيًا يطمح إليه الشاب من غير أن يمارسه بوصفه ضرورة معرفية ثقافية، فتحولت الكتابة في عصرنا – بمعظمها – إلى شكل من أشكال الرفاهية والشاعرية المزعومة، وبقيت الكتابة الحقة التي كانت تقلب مجتمعًا برمته، نقول: بقيت في إطار محدود جدًا في المجتمع.
وذاك كله شأن أهل القلم أن يستنبطوا أدوات واقعية حالية تعيد للكتابة مهمتها الثورية, لأن الطرق القديمة على لذتها الجمالية بوصفها تراثًا لم تعد ناجعة في يومنا هذا، فمن الضروري خلق سبل تواصل مقروءة مرئية مع الشباب، فلا ثورة حقيقية يمكن أن تمر في المجتمع أو في الثقافة إلا من بين أكف الشباب المتعطش للتغيير والمواكبة.
العدد 1101 -28-6-2022