مدهش أن تكون منتجات المرأة الريفية “خارجة على القانون” في نظر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بما أنها غير مرفقة بفواتير وشهادات منشأ وثبوتيات من النوع الذي يبحث عنه عناصر دوريات الوزارة.
تناقض يعكس الموقف الحكومي غير المنظم والموحد من أهم مشروع أو فكرة تزعم الحكومات المتعاقبة أنها تسعى لتطبيقها، وهي المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.. فإن لم تكن الورشات الأسرية الريفية مشروعات متناهية الصغر فما هي إذا..؟
يثير مشهد الفلاحات اللاتي يتجمعن أمام وزارة الزراعة في قلب دمشق صباح كل يوم لبيع منتجاتهن، وكأنهن اخترن المكان لتوجيه ملامة غير مباشرة لوزارتهم ومنها لباقي الوزارات بسبب عدم الاكتراث بما ينتجون، يثير الكثير من التساؤلات أهمها يستفسر عن الزمن الذي ما زال مطلوباً لتنجز الجهات المعنية حلاً لمشكلة تسويق مخرجات المشروعات الأسرية.. أو هل ثمة من يفكر في المكاتب الرسمية بمشروع تسويقي حقيقي منظم لهذه المنتجات؟؟
لقد اندفع الريفيون بأدواتهم البسيطة والمتواضعة والمتوارثة لاستثمار خيرات أرضهم بمواسمها المتنوعة وتفوقوا على المؤسسات الحكومية بمبادراتهم التي كانت أفضل استجابة عفوية لفوائض الإنتاج والهروب من الكساد، لكنهم بقوا خارج هامش العناية الحكومية، الموجهة كلياً للصناعي صاحب ” الصوت العالي” القادر على النفاذ والوصول إلى حيث يجب..!
لنلاحظ أن منتجات الأسر الريفية هي من أهم المنتجات المرشحة لتكون في مقدمة المنتجات التصديرية، فيما لو وجدت إرادة حقيقية لتصنيعها وفق أسس ومواصفات ومعايير تمكنها من النفاذ إلى الأسواق الخارجية “مربيات.. تين مجفف.. قمر الدين.. زبيب..مشروبات كحولية.. مربيات.. مكسرات… أجبان…إلخ” ..لكنها تبقى حبيسة الأسواق المحلية..!!
إن كنا مصرين على دعم الصناعة.. فلماذا لم نشجع أو ننشئ أو نلزم بإنشاء معامل تجميع وتصنيع هذه المنتجات الزراعية المعروفة بأنها تحمل ميزات حقيقية للقطاع الإنتاجي الزراعي في بلدنا؟.
لماذا لم نتوجه إلى تنظيم الإنتاج الريفي ودعمه وترخيصه كمشروعات صغيرة ومتناهية الصغر.. أليست هي الأولى بالدعم والتنظيم؟؟.
ستبقى مبادرات الفلاحات وستستمر في إحراج كل من يمكنه فعل شيء ولم يفعله من أجل إيصال هذه المنتجات إلى رفوف السوبرماركت الراقي هنا وفي أسواق الخارج، بما أنها مطلوبة ومرغوبة فيما لو أحسنّا توضيبها وإخراجها بأمبلاجات تليق بها.. وتليق باقتصاد هذا البلد المليء بالخير وعطاءات الطبيعة.