الثورة – ظافر أحمد أحمد:
ست حزم من سلسلة العقوبات الغربية على روسيا والخلاصة في جواب روسي صريح: إنهاء الحرب مرتبط بإلقاء أوكرانيا لسلاحها.
إذا سلّمنا أنّ العقوبات الغربية مرتبطة بالحرب الأوكرانية، فإنّ صانعي العقوبات يزوّرون الحقائق بإخفاء دورهم الأساس في اندلاع هذه الحرب، علماً أنّ دورهم في تأجيجها واستمراريتها أصبح أكثر وضوحاً من خلال تدخلهم كطرف شبه مباشر فيها، عبر (سيل) الأسلحة التي يقدّمونها للطرف الأوكراني، و”سيل” العقوبات على الطرف الروسي، فتكفّل ويتكفّل التدخل الأوّل بزيادة تدمير واستنزاف أوكرانيا، ويتكفل التدخل الثاني بخلخلة الاقتصاد العالمي ومعاقبته.
ضمن هذه المشهدية المأساوية لا بد من تظهير الخطورة الكبرى المرتبطة بمنهج العقوبات الغربية، وعدم التغافل عن أنّ العقوبات هدف أميركي صريح ودائم، وتخترع واشنطن من أجله الحروب العسكرية كذرائع لتصدرها بهدف الإضرار بمن تستهدفه، والأنموذج السوري الأوضح في هذا المجال..
ومن خلال تتبع نتائج العقوبات على روسيا يمكن الجزم بأنّه لولا هذه العقوبات لاقتصرت أضرار الحرب الأوكرانية على أوكرانيا فقط مع تأثيرات نسبية طفيفة خارج حدودها، في حين العقوبات – خصوصاً على قطاع الطاقة الروسي- تسببت برفع الأسعار في الأسواق العالمية، وانعكس ذلك على الأمن الغذائي العالمي، وكلّما رفعت واشنطن وحلفها الغربي من وتيرة العقوبات على روسيا كلّما تفاقمت المنعكسات السلبية على الشعوب الغربية قبل غيرها، وهذا ما أظهرته حقائق التغلغل الاقتصادي الروسي في أسواق الغرب..، لذلك تتساقط أخلاقياته عندما يُظهر الاستعلاء ويتقمّص دور (المُعاقِب) في حين الحقيقة أنّه هو (المعاقَب)!.
وزيادة في التساقط الأخلاقي الغربي فإنّ خطاب واشنطن وأتباعها يتركز على (دعم ديمقراطية الدول وأمان وحرية الشعوب)، علماً أنّ العقوبات التي يصدرها الغرب تتركز أساساً على الشعوب، فزمن الحصار على العراق خلخل الشعب العراقي وأمانه وصحته، وكذلك واقع الضرر في استهداف إيران وسورية وفنزويلا ولبنان وغيرها من الدول التي (تحظى) بدعم أميركي لشعوبها!
ومن المفارقات أن الاستعلاء الغربي بعقوباته ظهر بمفعول عكسي تجاه روسيا تحديداً، وثبت باعتراف تقارير واختصاصيين وسياسيين غربيين أنّ تأثيراتها السلبية على الغرب أكبر من تأثيراتها على روسيا..، ويكفي الاستعانة باعتراف وزارة الخارجية الأميركية نفسها بأنّ “أرباح روسيا من صادرات النفط والغاز نمت رغم قيود الغرب”..
وأيضاً خجل ماكرون، الرئيس الفرنسي من الصراخ عند الحديث عن معاناة دول الاتحاد الأوروبي، لكنّه قال بهدوء: إن الأسعار تضع الاقتصادات الأوروبية في وضع لا يمكن تحمله..
ومع أنّ قادة أوروبا يتقنون الاستعلاء ولا يمكنهم الصراخ وجعاً، فإنّ المواطنين في دول أوروبا أوجعتهم العقوبات على روسيا ويصرخون.