الثورة- منذر عيد:
قال الأكاديمي والمحلل السياسي عصمت العبسي، أنه في لحظة تاريخية فارقة، سقط نظام بشار الأسد بعد أكثر من 13 عامًا من القمع والدمار، وبينما عمّت الاحتفالات أوساط السوريين في الداخل والشتات، خرجت بعض الدول لتدّعي دوراً حاسماً في هذا الانتصار، وكأن الثورة السورية كانت مشروعاً دولياً لا شعبياً ولتتوالى التصريحات التي تحاول إعادة صياغة السردية، وتقديم الانتصار كحصيلة لتدخلات خارجية، لا كملحمة شعبية خاضها السوريون بدمائهم وأرواحهم.
وفي تصريح خاص لـ”الثورة” أضاف العبسي:” منذ انطلاقتها في 2011، كانت الثورة السورية تعبعيرا نقياً عن إرادة شعبية تطالب بالحرية والكرامة، لم تكن الثورة مؤامرة خارجية، ولا مشروعاً استخباراتياً، بل كانت انتفاضة شعبية ضد نظام دموي حكم البلاد لأكثر من نصف قرن، ومع ذلك حاولت بعض القوى الإقليمية والدولية توظيف الثورة لخدمة مصالحها، تارة عبر دعم فصائل معينة، وتارة عبر صفقات سياسية، دون أن تلتزم فعلياً بمطالب الشعب السوري”.
وأوضح أن الدماء التي سالت في درعا، وحمص، وحلب، والغوطة، لم تكن دماء دبلوماسيين أو جيوش أجنبية، كانت دماء شباب وشابات خرجوا يهتفون للحرية، وواجهوا البراميل المتفجرة، والكيماوي، والحصار، والتجويع، أكثر من 14 مليون سوري شُردوا، ومئات الآلاف قضوا تحت التعذيب أو في القصف وغيرهم الآلاف من شجعان هذا البلد الذين أخذوا على عاتقهم حماية إخوانهم، هذا الثمن الباهظ لا يمكن أن يُختزل في بيان دبلوماسي أو مؤتمر صحفي لدولة تدّعي أنها “دعمت الشعب السوري”.
وشدد على أن محاولات بعض الدول نسب الانتصار لنفسها ليست مجرد تزوير للتاريخ، بل هي محاولة لطمس جوهر الثورة، وتحويلها من ثورة شعبية إلى “عملية انتقالية” هندستها القوى الكبرى، هذا التلاعب بالسردية يهدد بإعادة إنتاج الاستبداد، تحت مسميات جديدة، ويمنح شرعية لمن لم يكن يوماً في صف الشعب السوري، بل ساوم على قضيته في غرف مغلقة.
وختم العبسي:” الشعب السوري هو من أسقط الأسد، وهو من يملك حق تقرير مصيره، لا تركيا، ولا أمريكا، ولا إسرائيل، ولا أي قوة أخرى تملك الحق في فرض رؤيتها على مستقبل سوريا.
المطلوب اليوم هو الاعتراف الصريح بأن هذا الانتصار هو ثمرة نضال شعبي، وأن أي عملية سياسية أو إعادة إعمار يجب أن تنطلق من إرادة السوريين أنفسهم، لا من مصالح الدول التي ساومت على دمائهم”.