الثورة – نيفين أحمد:
سلّط معاون وزير الطوارئ وادارة الكوارث الدكتور أحمد اقزيز الضوء على العقبة الأخطر التي تواجه جهود الدولة في مكافحة حرائق الغابات، مؤكداً أن الألغام ومخلفات الحرب تشكل تهديداً مباشراً وغير متوقع يضاعف من تعقيد عمليات الإطفاء ويحول من دون السيطرة الفعّالة على النيران.
خطر مزدوج
أوضح الدكتور اقزيز في تصريح خاص لـ”الثورة” أن الفرق المتخصصة يمكنها التعامل مع التحديات الطبيعية كالتضاريس الوعرة والرياح المتقلبة من خلال التحليل العلمي والبيانات الجوية، إلا أن الخطر الأكبر يكمن في الذخائر غير المتفجرة والألغام.
وأضاف: حتى مع وجود خرائط سابقة لمناطق تواجد الالغام في المناطق الجبلية فإنها لا تضمن الدقة بنسبة 100 % مما يجعل انفجار هذه المخلفات بفعل الحرارة سبباً رئيسياً في توسع رقعة الحريق بشكل دراماتيكي وخارج عن السيطرة، موضحاً أن هذه الظاهرة لا تقتصر على سوريا، بل تمثّل تحدياً عالمياً في مناطق ما بعد النزاع إذ تعيق المخلفات المتفجرة جهود الحفاظ على البيئة وتعرّض حياة رجال الإطفاء للخطر.
استراتيجيات استباقية
وأكد معاون الوزير أنه على الرغم من محدودية الموارد إلا أن الوزارة تتبنى نهجاً استباقياً يرتكز على مبدأ “التجهيز قبل الكارثة أفضل من الاستجابة بعد حدوثها”ـ وتتضمن هذه الاستراتيجية محورين رئيسيين:
المسح الوقائي: تنفيذ عمليات مسح لبعض المناطق الحرجية عالية الخطورة لتحديد التهديدات المحتملة قبل إرسال فرق الإطفاء.
تأمين الممرات الآمنة: شق وتأهيل شبكة من “طرق النار” تمتد لأكثر من 200 كيلومتر بهدف إنشاء ممرات آمنة تضمن وصول الآليات الثقيلة والمعدّات إلى عمق الغابات التي كانت في السابق مناطق يتعذر الوصول إليها.
تعزيز القدرات الوطنية
وأشار الدكتور اقزيز إلى أن الشراكات الدولية تلعب دوراً محورياً في دعم هذه الجهود، وقد أثمر التعاون مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، وصندوق دعم المساعدات الإغاثية لسوريا (AFS) عن تزويد الوزارة بآليات ومعدّات متخصصة وفتح طرق النار في الغابات
ولفت إلى أنه لأول مرة يتم العمل على تأسيس نظام إنذار مبكر للحرائق بالتعاون مع خبرات دولية من ألمانيا وسويسرا وفرنسا، وصرّح قائلاً: “طموحنا هو أن يرصد هذا النظام اندلاع الحريق في غضون 5 إلى 7 دقائق مما يمنحنا أفضلية زمنية حاسمة للاستجابة الفورية والحدّ من انتشار الكارثة”.
تنسيق عالي المستوى
وفيما يتعلق بالجهود الوطنية أكد على وجود خطط عمل مشتركة وتنسيق مستمر مع الفرق الهندسية في وزارة الدفاع لتبادل الخبرات وتحديد أولويات تفكيك الألغام، مشيراً الى وجود نقص كبير في أجهزة الكشف المتخصصة على مستوى الدولة وهو ما يتم السعي لتعويضه عبر التعاون مع المنظمات والمراكز الدولية.
وحول حجم المشكلة بيّن اقزيز أن الصورة الكاملة لانتشار مخلفات الحرب في سوريا لاتزال غير مكتملة مع وجود بيانات دقيقة في مناطق محدودة مثل شمال غرب البلاد، وتشمل المناطق الأكثر تلوثاً أرياف إدلب، دمشق، حمص، درعا، ودير الزور، بالإضافة إلى الجبال الساحلية التي كانت خطوط تماس سابقة.
ولفت إلى أن خطط إزالة الألغام تمنح الأولوية للمناطق السكنية تليها المرافق العامة، ثم الأراضي الزراعية التي تضرر منها ما يقارب 40 % في بعض المناطق مما يعكس الأثر المدمر لهذه المخلفات على الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.