الثورة – علي إسماعيل:
في خطوة غير متوقعة قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتقديم اعتذار رسمي لدولة قطر عن استهداف الدوحة، في سابقة تُظهر أنها أبعد من محاولة لامتصاص الغضب، بل هي خطوة تعكس عمق وحجم الدور الذي تلعبه قطر في ملف غزة والإقليم.
القناة 12 الإسرائيلية كشفت عن اتصال هاتفي أجراه نتنياهو مع رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، قدّم خلاله اعتذاراً رسمياً عن الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف الدوحة في التاسع من سبتمبر الجاري.
الاعتذار جاء على خلفية مقتل ضابط أمن قطري وإثارة أزمة دبلوماسية غير مسبوقة، عقب الضربة التي وُصفت بأنها انتهاك صارخ لسيادة دولة تعتبر فاعلاً محورياً في جهود الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس.
وقال البيت الأبيض في بيان إن “نتنياهو أعرب عن أسفه العميق لأن الضربة الصاروخية الإسرائيلية على أهداف لحركة حماس في قطر أدت إلى مقتل جندي قطري عن غير قصد”، وأقر في الوقت نفسه بأن الهجمات “انتهكت السيادة القطرية”.
ولفت البيان أن “نتنياهو أكد لقطر أن إسرائيل لن تشن هجوماً في المستقبل، كالذي نفذته”.
الاعتذار لم يكن مجرد إجراء بروتوكولي، بل جاء في سياق وتوقيت حساس، حيث كان نتنياهو يشارك في اجتماع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمناقشة خطة البيت الأبيض لإنهاء الحرب في غزة، ليكون اختيار لحظة الاعتذار مدروساً ويحمل رسالة مزدوجة، أولاً تهدئة التوتر مع قطر، وثانياً محاولة إظهار انفتاح على الشركاء الإقليميين الذين تضعهم واشنطن في قلب استراتيجيتها للسلام.
قطر أخذت على عاتقها الدور الأساسي في قنوات التفاوض غير المباشرة بين حماس وإسرائيل، إلى جانب مصر والولايات المتحدة، إلا أن الهجوم على الدوحة كان من شأنه أن ينسف هذه الجهود بالكامل، لكن اعتذار نتنياهو أعاد تأكيد حقيقة راسخة مفادها أن أي عملية تفاوضية جادة لا يمكن أن تستغني عن قطر.
مصادر دبلوماسية أكدت لموقع اكسيوس أن إدارة الرئيس ترامب لعبت دوراً في دفع نتنياهو نحو الاعتذار، باعتباره خطوة ضرورية للحفاظ على “زخم المفاوضات” وضمان استمرار قنوات التواصل مع حماس عبر قطر. وهذا يفسر تقاطع الخبر مع التسريبات التي نشرها الموقع حول ضغوط ترامب على نتنياهو للقبول بصفقة سياسية شاملة، أو المخاطرة بتصدع العلاقة مع واشنطن.
إسرائيل من جهتها وجدت نفسها أمام معادلة صعبة بأن الاعتذار قد يُفسَّر على أنه تراجع، لكنه في الوقت ذاته يشكل مخرجاً ضرورياً لتفادي عزلة دبلوماسية متنامية، خصوصاً مع اتساع موجة التنديد الدولي بالهجوم على الدوحة.
الاعتذار عزز صورة قطر كدولة قادرة على فرض احترام سيادتها وحقوقها، حتى على طرف اعتاد فرض شروطه بالقوة العسكرية. الرسالة إلى الشارع العربي والدولي كانت واضحة بأن الدوحة ليست مجرد محطة للوساطة، بل شريك فاعل يفرض حضوره في ملفات الأمن والاستقرار الإقليمي.