الثورة – لينا إسماعيل:
تحت عنوان ملفت (حي التضامن.. عاصمة العطور الفواحة) وصلتنا شكوى مميزة بصياغتها الأدبية، التي عبّرت عن معاناة أهالي حي التضامن الدمشقي بكلمات بليغة التعبير في نقل صورة الواقع، بما يعكسه من إهمال خدمي واضح وموثق بالصور المرفقة، نوردها لكم حرفياً: إذا أردت أن ترى كيف يمكن لحيّ دمشقي أن يتحوّل إلى مكبّ عملاق، فما عليك إلا زيارة “حي التضامن”.. هنا، القمامة ليست مجرد زائرة عابرة، بل هي صاحبة الدار، تتربّع على الأرصفة وتملأ الأزقّة وتزاحم السيارات في الطرقات.
في التضامن، لا يملك الناس رفاهية استنشاق هواء نقي بدلاً من ذلك، يوزّع الحي “عطوره” على مدار الساعة، روائح مركّبة تفوح من الحاويات لتشكّل توقيعاً حصرياً للمنطقة، وإذا لم يكفِك العطر، فانتظر الهدايا المرفقة: أسراب الذباب، جيوش البعوض، وحشرات لا تعرف الرحمة، مع باقة مجانية من الأمراض الموسمية والدائمة. المواطن هنا يلعب دور الكومبارس في مسرحية القمامة.. يخرج من بيته حاملاً كيساً متواضعاً، يحلم بالتخلّص منه، لكنه يُفاجأ أن “ورشات النبش” تفتحه أمامه وكأنها تفتّش خزنة ذهب، ثم تنثر محتوياته في الشارع بحرفية مدهشة، تاركة الحيّ غارقاً في لوحة بصرية لا يرسمها إلا البلاستيك والفتات. الحاويات نفسها، التي كان يُفترض أن تكون حلاً، أصبحت جزءاً من الكارثة. امتلأت، انفجرت، وقررت أن تفرغ ما بداخلها مباشرة على الطريق، لتضيف لمسة من الفوضى تعوق السير وتحوّل السيارات إلى راقصات باليه تتمايل بين النفايات.
المفارقة الساخرة أن اسم الحي هو “التضامن”.. نعم، تضامنٌ كامل بين القمامة والشارع، بين الأمراض والأطفال، بين الحاويات والسيارات، تضامن يجعلك تفهم أن الاسم هنا ليس صدفة، بل وصف دقيق للعلاقة الحميمة بين القمامة وسكانها.
فهل يحتاج الأمر إلى لجنة دولية لمعالجة مشكلة حاويات قمامة في حي دمشقي؟ أم أن المحافظة ستنتظر حتى يصبح التضامن مرشحاً رسمياً لموسوعة “غينيس” كأكبر متحف مفتوح للنفايات في الشرق الأوسط؟.
“الثورة “تابعت الشكوى مع مجلس بلدية الميدان باعتبار حي التضامن يتبع لها خدمياً، ووضعنا المكتب الإعلامي للمجلس بتفاصيل الشكوى، وقد أبدى تجاوباً يدعو للتفاؤل، مؤكدين أن مضمون الشكوى سوف يعالج بالسرعة القصوى، وسيتم موافاتنا بصور جديدة للمواقع ذاتها التي تعاني من إهمال لا حدود له في ترحيل القمامة في القريب العاجل، ولكن بملامح حضارية جديدة، ونظافة تليق بسكان الحي وتحقق مطالبهم، وسيكون لنا متابعة.