يُقال في الاقتصاد “إن التنمية التي لا تُبنى على مقومات علمية تدعمها وتطورها ستبقى هشة وخالية من الأبعاد الإستراتيجية”، لذلك كل دول العالم تراهن على أهمية الاستثمار بالعقول من خلال دعم البحث العلمي.
قد نكون من أقل الدول التي التفتت خلال السنوات القليلة الماضية إلى إيلاء البحث العلمي أهمية من نوع خاص لاسيما في ظل الحاجة الملحة للاستفادة من الأبحاث العلمية التي تتماشى مع الظروف الحالية والاستحقاقات القادمة لعملية إعادة الإعمار التي تتطلب منا إشراك المؤسسات العلمية والبحثية في وضع أسس هذه العملية المنتظرة ضمن مشروع وطني شامل ومتكامل.
ويبدو أن بوادر هذا الاهتمام وجدناه من خلال المؤتمرات العلمية والبحثية التي بدأتها الهيئة العامة للبحث العلمي تحت عناوين تنموية وتفاعلية لخلق ارتباط وتفاعل بين البحث العلمي والتنمية الوطنية بين الداخل والخارج.
لاشكّ أن الكم الكبير من التقارير والأبحاث التي تخرج عن تلك المؤتمرات تشكل نقطة الانطلاق لأي مسار اقتصادي تنموي ، لكن هذا يحتاج إلى دعم مادي كبير كي يترجم على أرض الواقع، فعندما يُصرح المسؤول عن البحث العلمي بدعم ٥٦ بحثاً بمبلغ ٧٠٠ مليون ليرة سورية يعطينا مؤشراً سلبياً في ظلّ التضخم الكبير، مع العلم أن معظم دول العالم تخصص ضمن بنود الموازنة رقماً لا يستهان به لدعم البحث العلمي.
كل ذلك يقودنا إلى التفكير والتعاطي بطريقة مختلفة مع البحث العلمي ليكون المرجع لكل العناوين الفرعية ليتمكن من الخروج من طور الضمور إلى طور العمل.
نحن بحاجة لاستنباط طرائق وحلول جديدة لربط البحث العلمي بالمجتمع وخلق بيئة تشريعية تُمكن المعنيين من تطبيق مخرجات البحوث العلمية على الأرض، وإعطاء استقلالية تامة لهيئة البحث العلمي وعدم تبعيتها لجهة معينة كونها لا ترتبط فقط بوزارة التعليم العالي وإنما بكل جهات الدولة، بحيث يكون عنوان المرحلة القادمة إعادة إحياء دور مؤسسات البحث العلمي لتعزيز التشاركية بين المؤسسات العلمية والجهات الحكومية والخاصة.