الثورة – درعا – عبدالله صبح:
مازالت أيام أبي تمام الثقافية يدور رحاها في دار الثقافة بدرعا مستضيفة أعمدة وقامات شعرية لائقة من أبناء المحافظة، ففي اليوم الثاني للمهرجان كانت “الثورة” من بين الحضور للاستماع لنشاط ثقافي شعري مع الحضور النوعي، والحديث عن شاعر الوطنية والحب سفير الكلمة والدولية في دول الاغتراب الشاعر المُتيٌم عمر أبي ريشة، حيث انقسم النشاط لمحورين، ندوة فكرية أدبية حوارية بعنوان:
أدب عمر أبي ريشة بين الذاتية والإبداع، تناول هذا الجانب ثلاثة محاور، الأول للدكتور بسام بردان تطرق فيه إلى الذاتية في شعر عمر أبي ريشة، والثاني للدكتور أحمد علي محمد تناول جانباً بعنوان “الأسطورة في شعر أبي ريشة”، حيث تناول المحاضر المقارنة في جمال المرأة كمنحوتة فنية وديمومته، أو الجمال الطبيعي للمرأة كمخلوق ٱدمي وزوال هذا الجمال بتقدم العمر، أي الرسالة التي أرادها الشاعر إنه لا يدوم على حاله إلّا صاحب الحال، وهذا التوجه من قبل الشاعر اكتسبه من طبيعة المهنة كونه كان يعشق الفن التشكيلي ويمارسه في وقت فراغه.
فيما تناول الدكتور خليل عبد العال في المحور الثالث والأخير الحزن في شعر أبي ريشة، وجاء بقصيدة “خاتمة الحب”كمثال، وذكر في البدء تعريفاً تشبه بعنوان يختزل حديثه عندما وصف أبو ريشة بشاعر الحب والسياسة، ذلك الشاعر المبدع والإنسان الملتهب ككرةٍ من النار المتدحرجة، فالشاعر أبو ريشة لا يرضى الضيم والهوان لأي من الدول العربية وإن أنشد عن أيها تكاد كلماته تلتهم أوراقه لوجدانيته وصدق مشاعره الوطنية.
وأشار إلى أن الشاعر أبو ريشة كان خير سفيرٍ وممثلٍ للكلمة وللدولة، فهو شاعر رومانسي وجداني نجد الحزن هو المسيطر على أشعاره فيما يخص قضايا الأمة العربية وما آلت إليه نتيجة المستعمر الغاشم وعنجهيته بالتوازي مع سُبات الأمة وغفلتها وهو القائل في هذا الشأن:
أمتي هل لك بين الأمم /منبراً للسيف أو القلم/أتلقاكِ وطرفي مطرقٌ/خجلاً من أمسكٍ المنصرم..
فيما يظهر الحزن الوجداني الانفعالي الشخصي للشاعر من خلال بوحه عن هواجسه وقصة عشقه لـ “نورما” اللندنية تلك الفتاة الشقراء الحسناء التي جسّد الخالق أجمل صفات الخلق فيها، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي سفن أبي ريشة الذي أراد الارتباط بها، عندما توفيت نورما بمرض “النكاف” الذي شُفي منه بعد أن لازمته فراش مرضه وكانت هي بمثابة الطبيب والحبيب، ونظم بها قصيدة سُطرت بماء الذهب يصف حال عشقه وما آل إليه الحال بعد فراق المحبوب، والتي جاءت تحت عنوان “خاتمة الحب”، يقول فيها:
شمس حزني قد استوت وعجيبٌ / أن أراني أعيش في غير ظلّ/ أبصر الدهر ناشراً سفر عمري/ ولسان الآلام يقرأ ويملي/ طعنةٌ إثر طعنة إثر أخرى/ نثرت هذه الحُشاشة حولي/ فتأملت في الحياة وفيما/ كنت أبني على الخيال وأعلي/ فإذا مورد النعيم سرابٌ/ وإذا حائط المنى فوق رمل.
فيما تناول القسم الثاني من النشاط الثقافي في ثاني أيام مهرجان أبي تمام للشعر والإبداع بدار الثقافة بدرعا، جلسة ثالثة للقراءات الشعرية لكل من الشعراء انتصار سليمان وبرهم النصر الله وعبد السلام المحاميد والشاعر عدنان يحيى الحلقي، تطرقوا في أشعارهم لعناوين متنوعة تناولت حب الوطن والحديث عن المحبوبة وغيرها من مشاعر وأحاسيس.
أدار اللقاء الأديب عدنان الفلاح مدير ثقافة درعا بحضرة جمهور نخبوي من أدباء وشعراء أبناء المحافظة.