الثورة – ترجمة – ميساء وسوف:
يواصل البيت الأبيض إصراره على أنه لن يشرك الجنود الأمريكيين بشكل مباشر في الحرب في أوكرانيا، لكنه يواصل اتخاذ الخطوات التي ستؤدي حتماً إلى دور قتالي مفتوح واسع النطاق للولايات المتحدة ضد روسيا. من بين أحدث التحركات لزيادة الضغط على الكرملين، كشف بايدن في اجتماع قمة لحلف شمال الأطلسي في مدريد في 29 حزيران أن الولايات المتحدة ستنشئ مقراً دائماً في بولندا للفيلق الخامس من الجيش، وستبقي على لواء تناوب إضافي من آلاف الجنود في رومانيا، وستعزز عمليات الانتشار الأخرى في دول البلطيق. كما سيتم زيادة عدد القوات الأمريكية في أوروبا، والتي تقترب حالياً من 100000. كما سُر بايدن عندما علم أن تركيا تخلت عن اعتراضها على انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو.
وفي الطريق إلى قمة الناتو، نصح مستشار الأمن القومي لبايدن، جيك سوليفان، أنه “بحلول نهاية القمة، ما ستراه هو قوة أكثر فعالية ومصداقية قتالية وأكثر قدرة وأكثر تصميماً لمواجهة التهديد الروسي الأكثر حدة وتفاقما”. من المفترض أن سوليفان كان يقرأ من نص مُعد، لكن الهدف هو تصعيد التوتر مع موسكو بدلاً من محاولة خفضه والتوصل إلى نوع من التسوية الدبلوماسية.
كما قام الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ “بعرضه المذهل المتهور” ، قائلاً أن التزامات موقف القوة الأمريكية الجديدة كانت تدل على قيادة بايدن القوية. ما لم يذكره ستولتنبرغ هو أن بايدن كان يكذب لبعض الوقت بشأن وجود أفراد عسكريين أمريكيين في أوكرانيا.
والآن هناك تقرير لصحيفة نيويورك تايمز بعنوان ” شبكة كوماندوز تنسق تدفق الأسلحة في أوكرانيا، يقول المسؤولون: عملية سرية تشارك فيها قوات العمليات الخاصة الأمريكية تلمح إلى حجم الجهود المبذولة لمساعدة الجيش الأوكراني”.
يصف المقال دوراً أمريكياً أكثر نشاطاً في أوكرانيا مما كانت إدارة بايدن على استعداد للاعتراف به علناً. بالعودة إلى شباط، قبل الحرب في أوكرانيا، ورد أن الولايات المتحدة سحبت 150 مدرباً عسكرياً خاصاً بها، وكان العديد منهم يدربون الجنود الأوكرانيين على أسلحة أمريكية تم الحصول عليها حديثاً. ومع ذلك، فإن بعض العناصر شبه العسكرية التابعة لوكالة المخابرات المركزية (CIA) وقوات العمليات الخاصة واصلوا خدمتهم في البلاد سراً، وقاموا بتوجيه معظم تدفق المعلومات الاستخبارية الذي تشاركه الولايات المتحدة مع القوات الأوكرانية. بالإضافة إلى ذلك، كان جنود العمليات الخاصة من حلفاء واشنطن في الناتو يديرون نقل الأسلحة والمعدات إلى أوكرانيا ويقدمون بعض التدريب المتخصص. كما تم الإبلاغ عن أن الكوماندوز البريطاني SAS يحرسون الرئيس فولوديمير زيلينسكي. ووفقاً لصحيفة التايمز أيضاً، على الرغم من أن الولايات المتحدة والدول الأعضاء في الناتو لم تعترف بوجود جنودها شبه العسكريين في أدوار عملياتية في أوكرانيا، إلا أن روسيا وأجهزة المخابرات الأخرى في جميع أنحاء العالم كانت على علم بذلك.
يبدو أن تقرير نيويورك تايمز صحيح بشكل عام، على الرغم من أنه يحذف بعض التفاصيل، كان هناك تدريب علني كبير في قاعدة Grafenwoehr للجيش الألماني وكذلك في قاعدة رامشتاين الجوية الأمريكية لتعريف الأوكرانيين بالأسلحة الجديدة القادمة، كما تشارك دول الناتو الأخرى في التدريب. وفي الوقت نفسه، فإن كوادر جنود العمليات الخاصة وأفراد المخابرات الذين يعملون بشكل أساسي في غرب أوكرانيا لايرتدون الزي العسكري ويعمل العديد منهم تحت مسميات مفتعلة مختلفة وكارتباطات فضفاضة مع السفارات الأجنبية والمنظمات غير الحكومية.
تلاحظ اللفتنانت كولونيل متقاعد في سلاح الجو الأمريكي كارين كوياتكوفسكي، المحللة السابقة في وزارة الدفاع الأمريكية، أن نشر أفراد غير نظاميين يمكن إنكارهم بشكل معقول “هو تصرف نموذجي تماماً للمراحل الأولية لحرب طويلة مدعومة من الولايات المتحدة. هذا هو المستقبل الذي يتخيله “استراتيجيو” المحافظين الجدد في واشنطن وحلفائهم البريطانيين والأوروبيين لأوكرانيا. وبدلاً من التوصل إلى نتيجة تفاوضية، مع دور أوكراني جديد كدولة محايدة ومنتجة، ترى حكومة الولايات المتحدة ووكالة المخابرات المركزية أن أوكرانيا مرزبان يمكن الاستغناء عنه ولكنه مفيد في تنافسها مع الاتحاد الروسي”.
كانت وسائل الإعلام الرئيسية تشجع الدعم الأمريكي العدواني لأوكرانيا وزيلينسكي، لكنها بدأت الآن في التراجع عن هذا الموقف، كما فعلت صحيفة واشنطن بوست ووسائل الإعلام الأخرى. ربما أصبحوا مقتنعين بأن خطة اللعبة التي تروج لها واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون من غير المرجح أن تنجح بلا تكلفة كبيرة للاقتصادات المعنية. كما يمكن للمرء أن يضيف أيضاً أمراً خطيراً للغاية وهو أنه يمكن لأي خطأ زائف أو متعمد قادم من أي من الجانبين أن يجعل الحرب تتحول بسهولة إلى حرب نووية.
المصدر:”Global Research”