الثورة – فاتن أحمد دعبول:
ما تزال التحديات التي تواجه صناعة الكتاب تتصدر أهم المشكلات التي تعاني منها المؤسسات الثقافية” اتحاد الكتاب العرب، وزارة الثقافة، ودور النشر الخاصة” رغم المحاولات العديدة التي تبذل من أجل الارتقاء بصناعة الكتاب، ورغم تعدد الندوات والجلسات في غير منبر إعلامي، لكن دون جدوى تذكر.
ويرجع الإعلامي ملهم الصالح معد الندوة التي حملت عنوان” واقع الكتاب السوري” التي احتضنها فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب، تراجع الكتاب إلى أسباب عديدة وأهمها، تراجع المبيعات، وأن الكتاب لم يعد أهم مصدر من مصادر المعرفة، ومنها أيضا غياب الدراسات والأبحاث، هذا إلى جانب تعنت لجان القراءة واستبدادها.
ويضيف الصالح والذي يدير الحوار في هذه الندوة: من التحديات الهامة التي تواجه صناعة الكتاب غياب التنسيق بين الموزع والناشر ومختلف الاتحادات، وهيمنة التكنولوجيا وتقنيات الاتصال الالكترونية واللوحات الرقمية، وما يزيد الأمر سوءاً هو التزوير والقرصنة وغياب حقوق الملكية الفكرية، لينتهي إلى نتيجة مفادها أن السمة الرئيسة لسوق الكتاب في العالم العربي حالة ركود ممتدة، وبالنسبة للسوق السورية، فالوضع حرج وقطاع منكوب ابتداء بالكاتب والناشر والموزع وصولاً إلى القارىء.
ولكن كيف عالج اتحاد الكتاب العرب هذه المشكلات.. وهل شكلت تجربته أحد الحلول الناجعة لتجاوز أزمة الكتاب” صناعة ونشراً وتوزيعاً؟
* نحتاج استراتيجية ثقافية..
ويبين د. محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب أنه عند الحديث عن واقع الكتاب السوري لابد أن نأخذ بعين الاعتبار الظروف المحيطة بهذا الواقع، وخصوصاً في فترة الحرب التي أدت إلى تراجع الحالة الثقافية بشكل عام في سورية.
ولا شك أن صناعة الكتاب ومستقبله هي واحدة من أهم المشكلات التي يجب العمل من أجل علاجها، وأشار بدوره إلى عوامل ثلاثة تؤدي إلى تراجع الكتاب، أولها المؤلف عندما يكون متطفلاً على الكتابة، ودار النشر التي لا يعنيها في أحيان كثيرة المحتوى، بل الربح، والعامل الثالث هو القارىء، وهذه العوامل جميعها تحتاج إلى استراتيجية ثقافية وتعاون بين المؤسسات الثقافية المعنية، وتفعيل دور المعارض الداخلية والخارجية من خلال التشاركية مع دور النشر الخاصة.
وتحدث رئيس الاتحاد عن كيفية معالجة مشكلة مستودع كتب الاتحاد عن طريق الحسومات” 200 ليرة للكتاب الواحد”، وإقامة المعارض في الجامعات على مستوى المحافظات جميعها، وإنشاء بعض المكتبات في بعض الأرياف والمناطق النائية.
وأشار على أهمية العناية بالشباب وتشجيعهم جنباُ إلى جنب مع الأدباء الكبار، من أجل صناعة الكاتب المستقبلي، وإعطاء الشباب فرصة المشاركة في المنابر الثقافية.
وأكد بدوره أن ثمة تحديات كثيرة فيما يتعلق باتحاد الكتاب وصناعة الكتاب، لأن الاتحاد لا يأخذ مساعدة من الدولة، ورغم ذلك فالسعي حثيث من أجل تحقيق صناعة كتاب جيد، وجعل الفعل الثقافي يليق بالثقافة السورية.
* نبتكر الحلول لإنتاج الكتاب الجيد..
ويرى مدير عام الهيئة العامة السورية للكتاب د. نايف الياسين أن المديريات المعنية بإنتاج الكتاب في الهيئة، كغيرها من المؤسسات، تواجه صعوبات كثيرة في تأمين مستلزمات العمل” ورق، أحبار طباعية، مشكلات في صيانة آلات الطباعة، توفير الوقود، وأيضا صعوبات في توفر الكوادر البشرية الماهرة”.
ولا شك أن تجاوز الصعاب يتطلب عملاً وتفانياً كبيرين من قبل جميع المشاركين في عملية إنتاج الكتاب، وتقدم الهيئة الندوات وورشات العمل مع غير مؤسسة ثقافية إسهاماُ منها في تطوير الحركة الفكرية والثقافية، كما استحدثت الهيئة عدداُ من الجوائز لتشجيع ورعاية المواهب، كما تمت مضاعفة التعويضات الممنوحة للعاملين على إنتاج المجلات والسلاسل، وتعويضات المؤلفين والمترجمين.
ويبين بدوره أن واقع الكتاب هو دون الطموح، وبرأيه أن التشجيع على القراءة هو واحد من الحلول، إلى جانب الارتقاء بوضع الكاتب مادياُ ومعنوياً، ومن واجب الهيئة العمل على إنتاج كتاب جيد، شكلاً ومضموناً، وهذا يتطلب قدراً كبيراً من العمل والوقت، ولن ندخر جهداً في سبيل تحقيق ذلك.
الدعم الحكومي.. أولاً
وتحدث رئيس اتحاد الناشرين السوريين هيثم الحافظ عن واقع الكتاب من خلال محورين أساسيين، أولهما هو محور المؤسسات الحكومية، اما المحور الثاني فيتعلق بدور النشر الخاصة ومفرزات الحرب ووباء كورونا، وواقع الإنتاج من حيث جودة الكتاب وجودة المحتوى.
ويبين بدوره أن الحرب أتت على الكثير من دور النشر والمكتبات ومستودعاتها في الغوطة الشرقية، وتسببت في خسائر كبيرة بالورق ومعدات الطباعة، ما أدى إلى إفلاس بعض دور النشر نتيجة تراجع حجم الإنتاج والتوزيع وارتفاع الأسعار للمواد الأولية، وزاد الأمر سوءاً الحصار الذي حرم الكثير من الناشرين من المشاركة في المعارض الخارجية.
ويضيف الحافظ: بأن الكتاب لم يعد في أولويات المواطن، بل أصبح من الكماليات نتيجة الحصار الاقتصادي والظروف الضاغطة على المواطن، لذلك فسوق الكتاب ما يزال متواضعاً، وكذلك عمليات صناعة الكتاب عموماً، ويشكو أيضا من قضية سوء التوزيع.
ويرى رئيس اتحاد الناشرين أن الحلول المناسبة للنهوض بصناعة النشر والارتقاء بها تكمن في الدعم الحكومي للكتاب وتعاون جميع الفعاليات الثقافية والاقتصادية لتحقيق الهدف المنشود، وإقامة المعارض المتنقلة في المحافظات، والأهم من ذلك نحتاج صناعة كاتب متميز.
ويخلص إلى أن صناعة الكتاب هي ثروة حقيقية، ويجب أن تكون في قائمة الصناعات الأساسية التي تساهم في دعم الاقتصاد الوطني.