الملحق الثقافي – علم عبد اللطيف:
قبل تجذّر القصة القصيرة كفنّ مستقل..في أوروبا والعالم..لم يكن هناك تفريق تقني بين الرواية والقصة..
كتب (فيكتور هيجو) لـ (غوستاف فلوبير)..بعد أن قرأ روايته (مدام بوفاري)..(لقد كتبت قصة جميلة ياسيدي)..
تسمية قصة في حجم رواية (مدام بوفاري)..يحيل إلى أن القصة ماقبل (تشايكوف) و(جيمس جويس) تحديداً.. لم تكن جنساً أدبياً قائماً بذاته..وبعموم الأحوال فإن استحضار نماذج من القصة الطويلة أو الرواية القصيرة.. مثل..(المعطف) لـ (غوغول)..و(صمت البحر) لـ (جان بروليه)..حتى (الشيخ والبحر) لـ (همنغواي).. يمكن أن يبين أن هذا النموذج كان ناجحاً بالفعل في تقديم عالم فني عالٍ ..وخصوصاً أن هذا النموذج لم يتم تحميله القيم الأدبية والأسلوبية المضافة للرواية فيما بعد عصر (هيجو)..و(دوستويفسكي)….ومع ذلك حقق نجاحاً عالياً ومهماً..وأساساً للرواية فيما بعد..
وحقيقة الأمر أن الرواية التي تم توسيعها لتتسع لعوالم شتى من الأدب والفلسفة والتاريخ والسياسة والشعر.. ولغة السيمياء والإشارات..والايديولوجيا..وأخيراً..الانتروبولوجيا..أصبحت رواية جديدة تماماً لا تشبه النماذج الروائية المتقدمة..وتم ابتداع أجزاء متسلسلة للرواية..بعناوين مختلفة..إنما يتحرك ضمنها ذات الشخوص الروائية ويكملون سيرورة الحياة في النص المتعاقب..كما في ثلاثية محفوظ مثلاً..
لا بأس..هي فتوحات الاإداع المستمرة..ولا يهم كثيراً أن نعرف إلى أين سيودي التطور في كتابة الرواية..وخصوصاً أن القصة القصيرة الآن..تكاد تندغم بالشعر أو بالخاطرة..
السؤال الآن..هل بالإمكان العودة إلى نموذج الرواية القصيرة أو القصة الطويلة باعتبارها تحقق الشروط الفنية في السرد باقتصارها على حدث واحد أو خط درامي واحد..يحقق هدفاً غائياً يتصل بالقص في أصوله..كما تبين الدراسة المعلّمة لـ د (رؤى قداح)..عن رواية (حكاية رادا). لـ د (عبد العزيز المسلّم). وتالياً..باعتبار الرواية الطويلة الآن..ومع (كونديرا ) و(امبرتو ايكو)..والآن..مع الروسي (ميخائيل شيشكين)..الحائز جائزة البوكر العالمية..بروايته..(رسالة فينوس).. أصبحت تشكل عبئاً فنياً وتقنيا وحتى معرفياً..لكل من الكاتب والقارئ…بايغالها في الرمزية والتركيب..وتشعب الدلالات.
أجاب عن هذا السؤال أحد الروائيين السوريين الكبار..فقال:نعم..يمكن للروائي أن يكتب نصاً روائياً بحجم متواضع من الصفحات..وينجح فقط حين يكون هذا النص محققاً هدفاً عالياً في الكتابة الروائية..لكنه في كل الأحوال..لا يلغي الرواية كما نعرفها الآن..وألا يستقل النص الروائي قليل الصفحات بأدوات خاصة به تميزه عن الرواية..
في كل الأحوال..سيترك الأمر للمبدعين..وسيتبين أن الشكل الناجح هو الذي سيستمر في العالم أو عندنا.
العدد 1105 – 2 – 8-2022