النظام الأميركي يتصرف دائماً وفق قانون شريعة الغاب، ويعطي لنفسه الحق الحصري في توزيع شهادات حسن سلوك على الدول الأخرى، إذ تصور له مخيلته المريضة، وعقليته الظلامية بأنه يحق له ما لا يحق لغيره، بل وأن يصنف جميع دول العالم ويقسمها بين دول راعية للإرهاب، وأخرى شيطانية، وثالثة ديمقراطية محبة للسلام والاستقرار، مستنداً في تصنيفاته تلك إلى معيار واحد ( معنا أم ضدنا)، ووفق هذا المعيار تصبح جميع الدول الرافضة لنهج الهيمنة الأميركي في خانة الدول الراعية للإرهاب، في حين إن الدول الحليفة للولايات المتحدة، وتمارس سياسة الإرهاب الدولي، فمكانها دائماً في خانة “الدول الديمقراطية”، وفق المعيار الأميركي.
ومن هنا فإن القرار الذي اتخذه الكونغرس الأميركي مؤخراً بتصنيف روسيا على أنها دولة “راعية للإرهاب”، يعكس في حد ذاته عقلية الغطرسة الأميركية، وأسلوبها في تشويه الحقائق بقصد تضليل الرأي العام العالمي، لشيطنة هذه الدولة أو تلك، والمستهجن أن الكونغرس صوت بالإجماع على ذاك القرار من دون أن يقدم دليلاً واحداً يثبت أن روسيا تدعم الإرهاب الدولي. pالكونغرس ادعى أن روسيا تقوم بانتهاكات في سورية وأوكرانيا، وجورجيا، والشيشان، وهذا ادعاء باطل تكذبه الوقائع على الأرض، فروسيا تقدم كل الدعم للدول التي تحارب الإرهاب المدعوم أميركياً وغربياً، وهي تدافع باستمرار عن أحكام القانون الدولي من أجل أن يسود السلام في العالم، في حين إن أميركا هي من تمارس الإرهاب الدولي العابر للقارات، من أجل تثبيت هيمنتها الأحادية على العالم، وحالها هنا أشبه بالمثل القائل: يقتل القتيل ويمشي في جنازته، ويكيل التهم لغيره، بل ويحاسب ويعاقب من دون أي وجه حق.
فمن يقود الحرب الإرهابية على سورية، ويجند الإرهابيين من أصقاع الأرض، للنيل من سيادة واستقلال ووحدة سورية، أليست الولايات المتحدة؟، ومن يقف إلى جانب الجيش العربي السوري في حربه ضد الإرهاب، أليست روسيا؟، ومن يحارب السوريين بلقمة عيشهم، ويحرمهم من أبسط مقومات الحياة عبر قيصره اللا شرعي، أليس هو الأمريكي، وأيضاً من افتعل الحرب في أوكرانيا، ويؤجج نيرانها بهدف إضعاف روسيا، أليست الإدارة الأميركية، التي أعطت شارة البدء لنظام كييف لاستهداف المدنيين في دونباس، وحتى جورجيا، والشيشان، وكل مكان على وجه البسيطة حدثت فيه توترات، أو نزاعات، أو انقلابات، أو حروب، أو عدوان مباشر، أو بالوكالة، كانت دائماً أمريكا هي المسؤول الأول والأخير، بل وحتى نستطيع أن نمضي أبعد من ذلك ونقول: كانت المسؤول الوحيد عن هذا الخراب، والدمار، والأرواح التي أزهقت من دون وجه حق.
شعوب العالم الحر، لا تعنيها التصنيفات الأمريكية، فالجميع بات يدرك تماماً من هي أمريكا، وما الشرور التي نشرتها أينما حلت، واحتلت، و الجميع يدرك أيضاً من هي روسيا، وما قدمته من مبادرات ومساعٍ دبلوماسية وسياسية لطالما طرحتها على الطاولة الأممية، لنصرة الشعوب الحرة المناضلة من أجل كبح جماح الهيمنة الأميركية والغربية، للوصول إلى عالم يسوده السلام والاستقرار والعدالة.