الثورة – غصون سليمان
تشكل ورشات العمل التفاعلية حافزا ومنشطا للقدرات الذهنية ومحرضا إيجابيا عند الجهات صاحبة العلاقة من خلال الإضاءة على جوانب مجتمعية وقضايا إنسانية تتخطى عتبة الاهتمام والمتابعة إلى اجتراح الكثير من الحلول ومعالجة القضايا الملحة .
في ورشة عمل الإعلاميين الهادفة إلى التعريف بالالتزامات الوطنية في قمة نيروبي والتي استمرت يومين ٢و٣ الحالي بفندق الشيراتون حيث أهميتها تنبع من خلال العمل التشاركي والتشبيك بين وزارة الإعلام ممثلا بمديرية الإعلام التنموي والهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان وصندوق الأمم المتحدة للسكان الشريك والداعم الأساسي في سورية.
يومان من النقاش والحوار وضعا الكثير من النقاط على الحروف عبر الغوص بتفاصيل تساهم بتوظيف الرسائل الإعلامية الموجهة إلى المتلقي وشرح مفاهيم ورؤى مجتمعية بالصياغة والمضمون المناسبين، وهنا يكمن دور الإعلام الذي بات يغير القناعات ويشوه المفاهيم ويحرفها عن مسارها اذا ما أراد إيقاع الشر في اي مجتمع يستهدفه.
كان التركيز منصبا على مجريات وقائع مؤتمر قمة “نيروبي” والالتزامات التي صادقت عليها سورية في خمس نقاط تتعلق بتخفيض نسبة الزواج المبكر من 5 إلى 13%، ومساعدة وصول المرأة إلى وسائل تنظيم الأسرة بيسر وسهولة إلى جانب خفض معدلات وفيات الأطفال الرضع، وخفض معدلات وفيات الأمهات، وصولاً إلى تحديث وسن قوانين ذات صلة بكل ما سبق.
والمصادقة على هذه الالتزامات أخذت وقتا لا يستهان به من التحدي والنضال والصراع في المحافل الدولية لطالما هناك جهات وأناس يتربصون سوءا بسورية التي تخوض معارك وجودية على مدى أكثر من عشر سنوات حرب عدوانية ظالمة ومازالت .
المهندسة سمر السباعي رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان بينت كيف دافعت سورية عن قناعاتها وبما يجب أن تلتزم به حول البنود الخمسة الآنفة الذكر في الوقت الذي لاتجرؤ حتى دول متقدمة لمجرد البوح بها ،فكيف لدولة مثل سورية محاصرة بأدوات فعل الإرهاب أن توصل صوتها إلى قمة نيروبي عبر صوت وفدها الحكومي الوطني ليتحدث بقضايا اجتماعية مهمة ويوضح حجم التضليل والكذب الممارس من سلوك وشهوات عدوانية معارضة لكل القيم الإنسانية ، مؤكدة أن دعم الدولة والحكومة لايمكن لأحد نكرانه، رغم حجم الآثار السلبية لتداعيات الحرب.
رئيس مجلس أمناء مؤسسة بصمة شباب سورية وعضو مجلس إدارة الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان انس يونس قارب الصورة بالتساؤل التالي: كم كان من الصعب على سورية أن تكون متواجدة في هذه القمة وفي هذا الظرف السياسي الحرج؟ حيث كانت المواجهة قاسية مع من لا يريدون لوفدنا حتى الدخول إلى قاعات الاجتماعات والمشاركة فيها، لكنه تمكن من الدخول وعرض جملة التحفظات المطلوب ايصالها، لذا من الضروري أن يكون المجتمع المدني حاضرا بقوة. ايضا كم هو صعب على المجتمع السوري ان يبدأ بهكذا التزامات من حيث العمل على الصعيد المجتمعي لاسيما وأن لكل بيئة لها ضوابطها ومصطلحاتها وطريقة لتلبية احتياجاتها المطلوبة .لذلك كان الموضوع صعبا من الناحية السياسية ،وليس من السهل اجتماعيا أن تقدم تحفظات،حول بعض المصطلحات التي لاتنسجم مع المجتمع السوري وواقعه،فالزواج المبكر بعاداته وتقاليده وعرفه يرفع معدل الرجولة والذكورة، من هنا يأتي أهمية دور الإعلام في تحقيق الرأي والنتائج مع الشركاء المعنيين لوضع خطة وطنية لترجمة العمل على الالتزامات،وكيف نضع حوامل صحيحة للالتزامات في المجتمع السوري.
وذكر يونس في مداخلته حين زار مخيمات اللجوء في الاردن وفي المناطق التي كان يسيطر عليها الارهابيون، كيف كانت تباع الفتيات السوريات الصغيرات ويشترين ويتزوجن اكثر من مرة في تلك المخيمات، حيث المشكلة كانت مع الأمهات اللواتي لم يسمحن بالتحدث مع الصغيرات فهو استثمار عالي الجودة ،أيضا ليس لدى الأب مشكلة بالعمر ولا بسنوات الزواج والانجاب المبكر مبررا بالقول” الزواج على سنة الله ورسوله”.؟!
لذا من الضروري جدا ان يمتلك الإعلام مفاتيح التوعية والإقناع ،عبر امتلاكه وبقوة فلاشات الإضاءة الكافية على ذلك القفص الموجود وكيف يأسر الفتيات الصغيرات في قوقعته.منوها بأن الإعلاميين هم سفراء الالتزامات الوطنية والأخلاقية وكل مايتعلق بقضايا المجتمع.مايتوجب على هذا الإعلام أن يعمل ويبحث وان يمنع أو يحد من زواج القاصرات على سبيل المثال لا الحصر ويعزز مفهوم الوعي على جميع المستويات بلقاء جميع المعنيين في الوطن ومعرفة آرائهم إيجابا وسلبا.
* احتياجات إعلامية:
وحول أهمية هذه الورشة أشار مدير الإعلام التنموي بوزارة الإعلام عمار غزالي في حديثه للثورة أن الأهمية تنبع من الاحتياجات الإعلامية وأسلوب توظيفها بما يتعلق بالالتزامات الوطنية في قمة نيروبي والتعريف بها وبحيثياتها ليتمكن الصحفي من التعاطي مع جميع التفاصيل الخاصة بالبنود التي تم التحفظ عليها بالقمة ،فإذا لم يكن لدى الصحفي خلفية عن هذا الموضوع وغيره من المواضيع لا يستطيع تقديم المطلوب بشكل مناسب ومتوازن،لافتا أن غاية الورشات والأنشطة التفاعلية الي تقام بين الحين والآخر بالتعاون مع الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان وصندوق السكان الشريك الداعم والأساسي، هو بناء القدرات وتبادل الأفكار،وتحريض العصف الذهني بين الزملاء بغية الوصول إلى المعلومات الصحيحة والالتزامات التي تلتزم بها سورية حول قضايا المرأة والطفولة والأسرة بشكل عام للمساهمة في تخفيض نسبة سن الزواج وظاهرة الزواج المبكر والتسرب من التعليم،مايتطلب من الإعلام بذل أقصى الجهود لنشر رسائل التوعية بمختلف جوانبها .
*كسب التأييد والإقناع:
الورشة كانت غنية بكل المقاييس أثارت الكثير من العناوين والمفاتيح التفصيلية التي كانت ربما غائبة عن ذهن البعض فيما يخص كيفية إعداد التقارير وبناء المصطلحات الإعلامية حيث قدم الدكتور مجدي الفارس الاختصاصي بعلم النفس الاعلامي، إضاءات ممتعة وحيوية في هذا الجانب بطريقة العصف الذهني فحول وهم اسطورة غياب الصراع الاجتماعي بيٌن تحت هذا العنوان كيف تحاول وسائل الإعلام أن تظهر الانسجام والتآلف الاجتماعي،لتخفيف الصراعات الاجتماعية وتتجاهلها أو تحرفها من أجل أن تقاوم اي مقاومة للظلم الاجتماعي.
فإن تحدثت هذه الوسائل عن صراع فهو صراع بين أفراد وأشرار ، وآخرون طيبون،وليس بين فئتين اجتماعيتين، أو صراع بين المجتمع ومجتمعات اخرى وتقدم بدلا من ذلك أي برامج تسلية عامة أو افلام وبرامج تلفزيونية .
وفيما يخص أهم استراتيجيات الإقناع في وسائل الإعلام أشار الدكتور الفارس في السياق الحالي إلى صورة أساسية تتعلق باستخدام وسائل الإعلام الجماهيرية لتقديم رسائل مخططة عمدا لاستنباط أشكال معينة من السلوك من جانب جماهيري،كالتصويت في الانتخابات، تغيير الاتجاهات،التبرع لقضية ما، وبالتالي فإن التعديل الواقعي للسلوك هو الهدف الذي ينبغي تحقيقه.باعتباره المتغير التابع في النظرية التي تستهدف تفسيره.
هدف الورشة:
هدفت الورشة في إطارها العام والتي أقيمت بالتعاون مع الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان ، وصندوق الأمم المتحدة للسكان ومديرية الإعلام التنموي لتكوين فريق عمل واحد كفوء ومناسب حسب تأكيد الدكتور الفارس لعمل استراتيجية وطنية بغية تعريف الرأي العام بالتزامات نيروبي التي تخضع للعنف القائم على النوع الاجتماعي، تنظيم الأسرة، تخفيض عدد الوفيات أثناء الولادة ، ولسن تشريعات وقوانين تراعي هذه المسائل.على اعتبار أن هذه القضايا هي قضية رأي عام ونريد أن تتحول إلى اتجاه وعقيدة ثابتة، لدينا لأن من يمتلك مجتمعاً صحياً اجتماعياً، أسرة متماسكة قوية ، يمتلك دولة قوية.
وقال :ونحن في ظل ظروف الحرب بحاجة إلى دعم اجتماعي بكل أبعاده الأخلاقية والتربوية، وهنا يكمن دور الإعلاميين المهم في مواكبة هذه الورشة والتزامات نيروبي والتعهدات التي تعهدناها لتحقيق الخطوات الاجتماعية المطلوبة على أرض الواقع.