الثورة – ترجمة غادة سلامة:
يقول جميس فارويل: كلمتان لا يريد أي مسؤول غربي أن يقولهما هما “الحرب الباردة”، فلا أحد يريد أن يعترف بذلك، لكن الحقائق تتحدث عن نفسها: نحن بالفعل في عمق حرب باردة عالمية، تستخدم الولايات المتحدة وحلفاؤها كل أداة في صندوق أدوات المنطقة الرمادية لتعزيز مصالحهما الاستراتيجية على حساب النظام العالمي.
هذه ليست الحرب الباردة في القرن العشرين. خلال تلك الحرب، كان هناك القليل جدًا من الاتصالات المباشرة دون مستوى القمة بين الولايات المتحدة وحلفائها والاتحاد السوفييتي وجمهورية الصين الشعبية، لم تقم الشركات الغربية بالكثير من الأعمال التجارية في العالم. كان السفر والاتصال بين الناس محدودًا.
على الرغم من اختلافها في نواح كثيرة عن الحرب الباردة في القرن الماضي، إلا أن الحرب الباردة اليوم هي حرب المعلومات.
بدأ عدد قليل من الناس يدركون خطورة ساحة حرب المعلومات (المعلوماتية) خاصة إن هي وجهت في الطريق الخطأ وفي المنطقة الرمادية تماماً كما تفعل الولايات المتحدة وشركائها الغربيين.
يقول قائد فيلق مشاة البحرية الأمريكية الجنرال ديفيد بيرجر: “المعلومات هي أساس كل تفاعل بشري”، في عقيدة معلومات سلاح مشاة البحرية المنشورة للتو. هذا على الأقل اعتراف بأهمية ساحة معركة المعلومات، لكن حرب المعلومات تتطور بسرعة، مع تطور النظم البيئية الاقتصادية والمعلوماتية والاتصالات لديها.
يخلط البعض بين عمليات المعلومات والقوة الناعمة. نحن لا نتحدث عن القوة الناعمة. القوة الناعمة هي التأثير الذي يحدث بين الدول من حيث الاقتصاد أو الثقافة أو السياسة أو غيرها من السمات غير العسكرية.
القوة الناعمة عنصر مهم في الحرب الباردة الجديدة، لكننا نتحدث عن استخدام المعلومات لتحقيق تأثيرات وأهداف استراتيجية على حساب المنافسين، نحن نتحدث عن حرب غير حركية قد تعمل جنبًا إلى جنب مع عمليات حركية أو عمليات قائمة بذاتها.
تمتلك الولايات المتحدة وحلفاؤها وشركاؤها قوة معلوماتية هائلة. لكن عليها حشد وتمويل هذه القوة وتوظيف المواهب من أجل عالم أكثر استقررا وأكثر أماناً لتحقيق تأثيرات تكتيكية واستراتيجية ملموسة. يقال إن الصين لديها ما يصل إلى 100000 من المعلومات.
حتى “سوق” التكنولوجيا الفائقة الديناميكية للغاية لديها والتي تستطيع من خلالها مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها لم تستعملها الصين لغاية اللحظة، وهي لا تريد تأجيج ساحة المعركة بينها وبين أمريكا التي استفزت الصين فعلاً في تايوان.
إن مواجهة الصين القوية جداً في ساحة معركة المعلومات – حتى المنافسة فقط – يتطلب الكثير من الولايات المتحدة وحلفائها وهو التنازل عن جشعهم وغطرستهم ومواجهة الصين لأنهم سيخسرون هذه المعركة وهذه الحرب الباردة.
يتعين على قادة الكونغرس، وكذلك قادة الأمن القومي، التخلي عن التشدق بهذا التحدي مع المارد الصيني – فالعقيدة الأمريكية بأن الولايات المتحدة هي الأقوى على الساحة العالمية باتت عقيدة مهزوزة ومهزومة.
تكنولوجيا المعلومات التي تمتلكها الصين اليوم وتتفوق بها على الولايات المتحدة حقيقية وعاجلة؛ وسيتطلب ذلك من الولايات المتحدة لتستطيع المنافسة موارد حقيقية – أشخاص وتمويل وهي الآن غير موجودة في ظل التضخم الهائل الذي يواجهه الاقتصاد الأمريكي، على الولايات المتحدة أن تتعامل مع ذلك بجدية أكثر.
بقلم: مايكل ميكلاوسيتش