طفولة مسلوبة بأفواه الحاقدين، لعلها أنياب الغدر تعصر سمٌها في أجسادها الغضة دون ورع، أدوات وأساليب تقشعر لها الأبدان من جرائم تتكرر بحق الصغار واليافعين والكبار وإن اختلف شكل الجرم وقبحه بين مدينة وأخرى، أوهذه المحافظة وتلك فالنتيجة إزهاق أرواح دون وجه حق، مع قهر وظلم وتفشي فوضى القتل والإجرام بحق الطفولة وغيرها، هل هي الرغبة بالانتقام، أم أن عفن السادية أخذت تشق طريقها إلى النفوس التي تمردت على الحياة.
إنٌ فقدان الأحبة عن طريق الخطف والقتل والتعذيب وتشويه الملامح وتقطيع الأوصال ورميها في الأماكن المهجورة ومكبات القمامة وعلى قارعة الطرقات لأمر في غاية العهر والاستهجان.
كيف للقلوب المتوحشة أن تستبد وتفعل بغريزتها كل هذا الشؤم، وكيف لها أن تلوك ضحيتها وهي مازالت غضة القوام ندية الروح، لا ذنب لها، تحلم بأبسط الأشياء، من يرمم قلوب الأمهات المكسورة وأحلام الآباء والأبناء من كنوز حياتهم وفرحة أيامهم، لاشك أن الظروف التي ولدتها سنوات الحرب العدوانية غيرت وبدلت الكثير من مفاهيم ومعايير الأخلاق، إذ لم يعد من يخطط لفعل الجريمة يمتلك ضميراً رادعاً ولا إحساساً إنسانياً ولا رأفةً لفظاعة ما لديه من تشوهات نفسه خبيثة.
لقد هزت جريمة وبشاعة قتل الطفلة جوى استابولي بآلة حادة على رأسها في حمص وقبلها العشرات من الضحايا البريئة في أماكن مختلفة ضمير المجتمع السوري برمته، ما يستدعي أن يكون كل فرد هو عين الرقيب التطوعي ومعني بكل شيء، فحين يرى تجاوزاً لأي ظاهرة منحرفة سواء بالتخطيط أو الفعل، يتوجب عليه أن يخبر عنها الجهات المعنية، لعل وعسى تلقى آذاناً وعلاجاً قبل أن يقع الفأس بالرأس كما يقال.
إن تفعيل القوانين الرادعة ومحاسبة مرتكبي الجرائم وأصحاب السوابق، أمر يحتاج السرعة، مع تشكيل رأي عام مضاد يستهجن كل هذا السلوك العدواني الذي بات يتمدد عند البعض وبكل جرأة في جسد المجتمع.