بشار الحجلي:
ما الذي تغير، نحن أم الزمان؟ أم مجمل الظروف والتحولات التي ظهرت سريعاً بشكل خالف توقعاتنا فصار واحدنا يركض وراء مجهول في نفق طالت نهايته، وضاقت مساراته، يشده ذلك الضوء المنبعث من بعيد، بوابة للخلاص.
ما الذي تغير؟، وكيف تبدلت من حولنا الأشياء، بكل هذه السرعة، فعبرنا الوقت بدلاً من أن نعبره، فكبرنا عمراً، وهماً وأحلاماً مؤجلة؟.
أسئلة تائهة، بلا جواب يختصر مساحة القلق، ويشفي حزناً كامناً في ثنايا الروح، وليس في اليد خيوط ننسج بها قميصاً يوقنا من الغد الآتي.
ليس صحيحاً ولا مقنعاً أننا عدمنا الحيلة والحلول، وأن نلقي اللوم على الظروف والزمان، فيما وصلنا إليه من التردي الاجتماعي، من دون أن نعمل العقل باكتشاف الطرق الموصلة للضفة الآمنة، ومن دون أن نزيل الغبار والصدأ عن الأسباب والمسببين، وأن نعمل لمحاسبتهم اجتماعياً على الأقل.
فمن غريب الحاضر أن تتحول أحاديثنا اليومية لمجرد تعداد لما يصيبنا من منغصات تتعلق بانتظارالرسائل الذكية جداً، أو بكيفية التنقل المعقول في ظل أرقام جنونية، يفرضها أصحاب سيارات التكسي، وزحام خانق في باصات النقل العام والخاص، وتزداد المشكلة إن أردت السفر للمحافظات التي بات يتطلب وصولها مبالغ كبيرة، تكسر ظهر من يرغب السفر بسيارته الخاصة، وإن استطاع مرغماً تعرقله صعوبة تأمين الوقود بالسعر الحر! في وقت ترى فيه “بيدونات” الوقود على طرق السفر لمن يدفع!؟.
ليس مقبولاً هذا التباعد الاجتماعي القسري للكثيرين منا، حيث صار استقبال الضيف مشكلة كبيرة، في وقت لا يمكن لواحدنا الخروج من جلده، أو من مسلمات تربيته البيتية.
ما الذي تغير حتى صرنا كمن يشتهي لحظة الفرح رغم قربها منه، ويشتهي رحلة استجمام في هذا الصيف؟، وقد كانت النزهات تفي بالغرض، ومثلها الرحلات في العطل والمناسبات، فباتت كلها حكراً على من يستطيع!.
هل ضاقت الدنيا على ذوي الدخل المحدود جداً، حتى وصلت الأمور لما هي عليه اليوم؟ وماذا يفعل المتقاعدون، ومن ليس لديه راتب يعينه على تكاليف الحياة؟.
وهل صار قدر الكثيرين الانتظار القاسي على أبواب الجمعيات الخيرية ليدفع تكاليف العلاج والدواء؟.
هي كلمات نقولها اليوم بصوت مرتفع، في وقت تراجع فيه مصطلح التكافل والتكاتف المجتمعي، وناءت مؤسسات الدولة بأحمالها الثقيلة، ولم يعد البساط يفي لستر أقدامنا.
هنا يتردد السؤال باستنهاض ما تبقى من همم، واستذكار حياة عاشها أهلنا بفقر أقسى مما نعيشه اليوم، لكن المحبة كانت سيدة الموقف، وكانت الغيرية والنخوة حاضرة في كل شيء، واليوم من حقي وحقكم أن نسأل ما الذي تغير؟!.
عين المجتمع