الثورة – زهور رمضان:
تميز معرض دمشق الدولي هذا العام في دورته الثانية والستين بحضور الحرير الطبيعي ضمن جناح اتحاد فلاحي حماة، الذي يعد بحق حدث متألق ضمن فعاليات ومشاركات متعددة وها هو الحرير الطبيعي القادم من حماة النواعير يأخذ مكاناً له من الأصالة والعراقة في أروقة المعرض.
آلة حياكة يدوية
انفردت الحرفية أمل أحمد التي خطفت أنظار زوار المعرض بأسلوبها المتقن خاصة عندما كانت تدير آلة الحياكة اليدوية الخشبية مجسدة روح التراث وأصالته لتبدع لنا منسوجات حريرية مميزة من خيوط الحرير الطبيعي الناعم.
أحمد التي جسدت أملاً بغدٍ أفضل، وهي تحيك خيوط الحرير كمن تحيك خيوط العراقة والتراث، التي تميزت بها قريتها الوادعة دير ماما التابعة لمدينة مصياف في محافظة حماة.
لم تقطع السيدة أمل أحمد مسافة تزيد عن ثلاثمائة كيلو متر إلا لتعيد لنا ذكريات التراث السوري وإرثه الضارب في التاريخ.
الحرفية أحمد التي جسد زوجها محمد سعود حرفة الحرير الطبيعي بعمله الدؤوب والمتقن في القرية المذكورة، على شكل معرض طبيعي ضمن منزله الخاص الذي سبق والتقيته في رصد ما يقوم به واطلعت عليه، وكيف توارثت هذه المهنة عن الآباء والأجداد.
نقلت صاحبة المهنة منتوجات الحرير واللوحات المنسوجة بأنامل حريرية من معرض منزلها إلى أرض معرض دمشق الدولي وهي بذلك تنقل للجميع رسالة مفادها أن سوريا كانت ومازالت وستبقى مهد الحضارات والتراث والحرف اليدوية الأصيلة.
دودة القز
أمل أحمد عشقت مهنة الحرير الطبيعي حتى أمست ضمن تركيب خلايا دمها، إذ أوضحت أن صناعة الحرير تعتمد على تربية دودة القز التي تقتات على ورق شجر التوت النادر وجوده اليوم في أغلب مناطق سوريا، بينما حافظت قرية دير ماما منفردة على أشجاره، وما زالت محافظة عليها.
وأضافت: إن بذور القز تنتج شرانق حريرية بعد اكتمال نموها ويستغرق ذلك فترة تمتد من ثلاثين لأربعين يوماً من عملية التربية التي يلزمها جو حرارة خاصة، مبينة أن دودة القز في نهاية دورة حياتها تشكل ما يدعى القز الطبيعي أبيض اللون الذي يقطف عن” الشيح” معلناً انتهاء مرحلة التربية ثم يجمع لتبدأ مرحلة التصنيع بعدها.
دولاب خشبي
وأضافت الأحمد: إن القز المجموع يوضع ضمن حوض ماء مغلي تُستخرج منه الألياف الطبيعية ذات الأقطار الميكروية باستخدام دولاب خشبي عمره مئتي عام مشكلة شللاً من الحرير الطبيعي الذي يعالج لاحقا بعملية البرم باستخدام المغزل اليدوي ثم على آلة النول فيتشكل نسيج من الحرير يصنع منه شالات الحرير والمناديل التي ترتديها نساء القرية ضمن الأعراس والحفلات، أو تصنع منها اللوحات الحريرية، إضافة إلى ليف ومخدات الحرير.
ونوهت بأن هذه الحرفة التراثية لطالما ميزت العديد من المحافظات السورية، ورغم تراجعها في بعض المناطق، إلا أنها لا تزال حاضرة بفضل توارثها عبر الأجيال.
سوق محلي للحرير
وأكدت الحرفية أحمد على أهمية توفير سوق محلي واسع لتصريف منتجات الحرير الطبيعي الذي اقتصر شراؤه اليوم على بعض السياح أو كبار التجار بما يفتح المجال للوصول إلى الأسواق الخارجية، معتبرة أن صناعة الحرير تمثل مصدر دخل مهم، وتساهم في خلق فرص عمل مناسبة، خاصة في الأرياف.
كما وصفت المشاركة في معرض دمشق الدولي بالمنحة الثمينة لتعريف المجتمع بالصناعات التراثية السورية والتواصل مع شركات محلية ودولية، مبينة أن الإقبال الكبير على جناح الحرف التقليدية وأجنحة التراث يعكس مزيداً من الاهتمام الشعبي بالحرف التراثية.
ولفتت إلى أهمية إعطاء كلاً من وزارتي الزراعة والسياحة مزيداً من الاهتمام مما يساعد على إعادة إحياء صناعة الحرير الطبيعي بعد أن كانت معرضة للاندثار.