ما إن اقتربت الساعة من الرابعة ظهراً، حتى تبدل إيقاع منزل بيت أخي، اختفى هدوء أوقات دراسة ” زين وسما” لنعيش مع إيقاع صاخب يترافق مع نغمات اعتاداها منذ كانا صغيرين في عمر الروضة، الأغنيات اليوم تحتفي بقدوم عام جديد…
كنا على وشك أن ننتقل إلى ( 2022) وها نحن على موعد مع تلك الحفلات التي يقيمها الموسيقي الفريد ” حسام بريمو”
كان معلماً من طراز فريد، لا يكتفي بتعليم الأطفال الموسيقا بل روحها ونبضها وكيف يتشربونها وهم صغار، ليحتفوا بها في حياتهم كلها.
كيفية الوقوف على المسرح، التنسيق بين تعلم الموسيقا، والدراسة، والانضباط أمام الجمهور…كلها يتعلمها الموسيقي منذ صغره لتصبح ضمن قيمه، أذكر في إحدى التدريبات تعب أحد الأطفال، فجأة تحول الموسيقي الصارم، إلى أب حنون يرعى طفله.
مع مرور الوقت واقترابنا من نهاية عام (2021) تبدل إيقاع ” سما وزين” ذهابهم برفقة والدتهم الى الحفلات أصبح بالزي الكامل، وبهدوء واتقان وبلا أي توتر ها هما على موعد في يوم ثلجي عاصف مع الحفلة التي تصب فيها كل الجهود والتدريبات، ويتلقى الجمهور النتيجة، دون أن يدرك الكم المضني لجهود موسيقي نذر نفسه لرعاية أجيال موسيقية كاملة، ومن مختلف الأعمار..
كنت قد قررت أنني سأحضر الحفلة، لكن تعباً ما، وبرودة الطقس الشديدة، ومواعيد مهنية كثيرة في اليوم التالي…كلها جعلتني مترددة، ولم أحضر تلك الحفلة.
اليوم بعد أن سمعت خبر رحيله، ورغم معرفتنا لمقارعته مرضاً في رأسه شديد الخطورة، إلا أننا كنا بانتظار معجزة ما، باعتباره شفيع الأطفال موسيقياً..
لم أتوقع أنني أعيش ندماً كالذي عشته اليوم فكل ما أسمعه عبر مواقع التواصل، أو اليوتيوب، أو تلك المقاطع التي نتذكرها أوقات الرحيل، لا تضاهي بأي حال حضور حفلته الأخيرة برفقة “سما وزين”.
حتى في رحيله يعملنا..
ألا نتردد في عيش اللحظات الجميلة، فقد تكون الأخيرة…!