أعادت فيضانات باكستان المدمرة طرح قضية التغيّر المناخي على نطاق واسع، بعد المأساة الهائلة التي تعرض لها سكان إقليم السند جراء هطول الأمطار بغزارة وفيضان الأنهار بشكّل مرعب، حيث يعيش ما يقرب من خمسين مليون باكستاني ظروفاً إنسانية قاسية جداً وهم أحوج ما يكون لمساعدة إنسانية عاجلة لتجاوز آثار ما لحق بهم.
على مدى أكثر من عقدين من الزمن شهد العالم تحوّلات وتغيّرات مناخية كبرى تهدد كوكب الأرض برمته، جراء النشاط الصناعي المكثف للدول الصناعية الكبرى والغازات الدفيئة الناجمة عنه، ورغم العديد من المؤتمرات والقمم المخصصة لبحث قضية المناخ – آخرها مؤتمر غلاسكو العام الماضي – والتوصل إلى أكثر من بروتوكول – بروتوكول كيوتو 1992- يطالب ويلزم الدول الكبرى بالحدّ من انبعاث الغازات – المسؤول الأكبر عن هذه التغيرات – إلا أن العالم ما زال يعاني من حرائق هائلة وفيضانات عارمة وحالة تصحّر واسعة وذوبان ثلوج كبير وارتفاع درجات حرارة غير مسبوقة – كما حدث في أوروبا في الفترة الماضية – الأمر الذي يقرع جرس الإنذار مرة تلو المرة بشأن الخطر المحدق بكوكب الأرض.
المثير للجدل والاستغراب في آن معاً أن القضية المناخية – رغم خطورتها – تقبع في آخر أولويات الدول الصناعية الكبرى كالولايات المتحدة الأميركية المشغولة بافتعال الأزمات والحروب لإشباع نهمها في السيطرة على ثروات البلدان الأخرى والهيمنة على بقية الدول والشعوب، وهذا ما يجعل العالم برمته مطالباً بأخذ موقف موحد من السلوك الأميركي العدائي غير العابئ بالمخاطر والتهديدات المحدقة بكوكب الأرض.
إن من شأن استمرار التداعيات المناخية على هذا المنوال إحداث مجاعات كبرى وأوبئة وأمراض على نطاق واسع، إضافة إلى شن حروب من أجل السيطرة على مصادر المياه، وهو ما يحتم البحث عن حلول سريعة تجنب الكرة الأرضية المزيد من التدهور المناخي..فهل يأخذ قادة الدول الكبرى هذا الموضوع على محمل الجد أم يتركون العالم يزحف بسرعة نحو الكارثة..؟!