يشكل الإرهاب خطراً كبيراً على السلم والأمن الدوليين وغالباً ما يبدأ بالنزوع إلى التشدد وتشكيل أفكار متطرفة وصولاً لتقبل العنف كوسيلة لمحاولة التغيير.
أدى اختلاف الدول في نظرتها إلى الإرهاب من حيث مفهومه ومعناه، إلى صعوبة اتفاقها على المستوى الدولي بشأن التعاون لمكافحة هذه الظاهرة وبالتالي ليس هناك تعريف للإرهاب متفق عليه دوليًّا ولم تكن هناك رغبة في ذلك لاختلاف المفهوم حوله بسبب الازدواجية في المعايير فما هو دفاع عن الأرض ضد مستعمر معتدٍ على الأرض عند البعض لاسيما دول أوروبا والولايات المتحدة هو “مقاومة” بينما إذا تعلق بالدول العربية فهو “إرهاب” كذلك دخول دول والسيطرة على مقدراتها يسمى عند البعض إما “انتداب أو نشر للديمقراطية” بينما هو “احتلال” بكل المقاييس والمعايير.
هناك توافق شبه عالمي على اعتبار عدد من الأفعال بمثابة أفعال إرهابية وتشمل استخدام العنف لأغراض سياسية، مثل خطف الطائرات واستهداف السفن البحرية واستخدام الأسلحة الكيميائية أو النووية ضد المدنيين واختطاف الأشخاص وغير ذلك من أشكال استهداف المدنيين.
تشتق كلمة «إرهاب» من الفعل (أرهَبَ)؛ ويقال أرهب فلانًا: أي خوَّفه وفزَّعه.
لعلّ الإرهاب هو أخطر التحديات التي تواجهها المجتمعات في عصرنا وفي ظل تعقيدات الأزمات وتشابك المصالح، لا تبدو دولة أو ساحة بمنأى كامل عن مخاطر الأعمال الإرهابية وتداعياتها، وهذا ما دعا لإيجاد تعريف واضح له.. كل هذا يقودنا إلى إرهاب العصابات الذي يمارسه كيان الاحتلال منذ دخوله إلى فلسطين والجرائم المرتكبة على أيدي عصابات ” الهاغانا” و” الأرغون” التي قامت بالعديد من المجازر بحق الفلسطينيين والعرب من جهة ومن جهة ثانية مارست الإجرام أيضاً بحق شخصيات أوروبية اعتبارية، وقفت بشكلٍ ما ضدّ رغبتهم في طرد وتهجير كل الفلسطينيين من أراضيهم.. ارتكاب المجازر سياسة معتمدة من قبل الاحتلال من دير ياسين في فلسطين وبحر البقر في مصر وتدمير القنيطرة الوحشي في سورية ومجزرة قانا الأولى والثانية في لبنان وصولاً إلى يومنا هذا فمنذ بداية الحرب على سورية زادت وتيرة الجرائم الصهيونية على الأراضي السورية بدءاً من دعم التنظيمات الإرهابية التي استهدفت الحجر والبشر والشجر وارتكبت المجازر بحق المواطنين السوريين ودعم تلك التنظيمات بالمال والعتاد والسلاح وتقديم العلاج لهم هذا من جهة ومن جهة أخرى قامت بتطبيق إرهاب “الدولة” ومن هذه الجرائم:
* ضبط أسلحة إسرائيلية الصنع وعلى سبيل المثال لا الحصر شحنات أسلحة إسرائيلية ضبطت بتاريخ ٣١/٥/٢٠١٤ في ريف حمص وبتاريخ ١٤/٢/٢٠١٦ في السويداء وكذلك ٢/١١/٢٠٢١ في ريف دمشق!
* الاحتلال الصهيوني أقام في العام ٢٠١٤ مشفى ميدانياً على مقربة من الحدود مع سورية وتدفق عليه عشرات الجرحى من الإرهابيين يومياً، حيث تم تشخيص حالتهم الصحية، ومدى خطورة إصابتهم، قبل أن يتم تحويل الحالات الخطرة منهم إلى مستشفيات شمال فلسطين المحتلة، وأشرف على المشفى الميداني ضباط إسرائيليون من الاحتياط وهذا ما أكده ووثقه عميد الأسرى السوريين المحرر صدقي المقت الذي وثق ذلك بالفيديو وتم عرضه عبر برنامج “خيوط العنكبوت” على شاشة الإخبارية السورية مع الزميلة يارا صالح وكان ذلك سبباً لإعادة اعتقال المقت.
* قبل نهاية العام ٢٠٢١ وفي غضون شهر تقريباً أقدم الاحتلال الإسرائيلي على استهداف ميناء اللاذقية مرتين وأدى إلى إصابة عدد من الموظفين وخلف أضراراً مادية كبيرة في البنية التحتية وحرائق امتدت لساعات.
* استهداف مطار دمشق الدولي ومحيطه لأكثر من مرة ولا سيما العدوان الذي حصل في ١٠ من حزيران ٢٠٢٢ وتسبب العدوان الغاشم باستهداف البنية التحتية لمطار (دمشق الدولي)، وخروج مهابط الطائرات عن الخدمة، حيث تضررت في أكثر من موقع وبشكل كبير، مع الإنارة الملاحية وأيضًا مبنى الصالة الثانية للمطار وتسبب بأضرار مادية، ونتيجة لهذه الأضرار تم تعليق الرحلات الجوية القادمة والمغادرة عبر المطار حتى إشعار آخر.
حتى أن المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، قال في بيان حول هذا العدوان إن السيد أنطونيو غوتيريش يحذر من مخاطر سوء التقدير الذي قد يؤدي إلى صراع أوسع في منطقة مضطربة بالفعل وأن الأمين العام يذكّر جميع الأطراف بأن توجيه الهجمات ضد المدنيين والمرافق المدنية ممنوع منعاً باتاً بموجب القانون الإنساني الدولي!
* الاعتداءات الإسرائيلية على منشآت مدنية وأدت لارتقاء شهداء وجرحى وهذا ما حصل في عدوان ١/ ٥ / ٢٠١٩ الذي أدى إلى استشهاد/ ٤/ مدنيين بينهم طفل رضيع وجرح واحد وعشرين آخرين نتيجة غارات إسرائيلية على ريف دمشق كذلك عدوان ٥/٥/٢٠٢١ الذي أدى إلى استشهاد مدني وجرح ستة آخرين بينهم طفل ووالدته في حصيلة أولية إضافة إلى وقوع بعض الخسائر المادية من بينها منشأة مدنية لصناعة المواد البلاستيكية والقائمة تطول.
أيضاً من الأساليب الإرهابية لقوات الاحتلال ما قامت به طائراته المقاتلة بالاحتماء بطائرات مدنية أثناء الاعتداءات وهذا ما أكدته وزارة الدفاع الروسية في بيان نشر في ٧/٢/٢٠٢٠ جاء فيه أن سلاح الجو الإسرائيلي قام بشن هجمات في محيط العاصمة السورية قرب مطار دمشق، وتصدى لها الدفاع الجوي السوري، واتهم الجيش الروسي إسرائيل بأنه أثناء هذه الهجمات اتخذت قوات إسرائيل طائرة إيرباص ٣٢٠ وعلى متنها ١٧٢ راكباً، كدرع للهروب من صواريخ الدفاع الجوي السورية وأكدت الوزارة “لحظة شن الطيران الإسرائيلي لهجماته.. كانت طائرة إيرباص ٣٢٠ مدنية تقترب، استعداداً للهبوط لتجد نفسها في منطقة مميتة بين الضربات الجوية ونيران المدفعية وأضاف البيان أنه بفضل “التدخل السريع لمراقبي الحركة الجوية في مطار دمشق” تمكنت الطائرة من “الخروج من تلك المنطقة التي كانت فيها بمرمى أنظمة الدفاع الجوي السورية”.
أيضاً من أساليب إرهاب الاحتلال المتكرر للأراضي السورية والذي يخلف أضراراً حتى على الأراضي الزراعية كما حصل في استهداف ريف حماة الذي جرى بتاريخ ٢٥/٨/٢٠٢٢ الذي أدى إلى حرائق ٢٠٠ دونم زراعي و ١٠٠ دونم من الأراضي الحراجية احترقت نتيجة العدوان على مصياف.
أمام هذه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة طالبت سورية الأمم المتحدة ومجلس الأمن بإصدار إدانة واضحة وصريحة للاعتداءات الإسرائيلية على أراضيها باعتبارها خرقاً متعمداً لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة، مؤكدة احتفاظها لنفسها بحق الرد بالوسائل المناسبة التي يقرها القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وشددت الوزارة في أكثر من رسالة للأمم المتحدة ومجلس الأمن على أن العدوان الإسرائيلي المتكرر على سورية وعدم قيام مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع استمرار هذا العدوان، وكذلك عدم إدانته يعني غياب مجلس الأمن عن ممارسة مسؤولياته، وعدم قيامه بالحد الأدنى من تنفيذ واجباته في الحفاظ على السلم والأمن في المنطقة والعالم خاصةً أن الاعتداءات الإسرائيلية باتت تعكس استراتيجية واضحة تعتمد القتل والعدوان والتدمير وتتسبب في زيادة مستوى التهديدات والتحديات التي يواجهها العالم اليوم وتُرسخ حالة عدم الاستقرار في المنطقة.. ليبقى الرهان الأول والأخير على الجيش العربي السوري الذي استطاع القضاء على معظم التنظيمات الإرهابية من جهة واستعادة أجزاء كبيرة من الأراضي التي كانت تسيطر عليها وبالتالي كما تم الانتصار على الوكيل سيتم الانتصار على الأصيل.
د. مازن سليم خضور