الثورة – هفاف ميهوب؛
ينصح المؤلف الأمريكي “ديل كارنيجي” صاحب كتاب “دع القلق وابدأ الحياة”، بعدم الاستسلام لضغوطِ الحياة، ومواجهتها بالإرادة التي وجدها أقوى شيء على الأرض لطالما، بإمكانها تقديم ألف سببٍ لاستمرارِ حياة تصنعها أفكار، إن كانت سعيدة تجعلنا سعداء، وإن كانت تعيسة، تُرهقنا وتجعلنا أشقياء..
ينصح بهذا مؤكّداً بأننا: “إذا بقينا نتحدّث عن متاعبنا، ونندب حظنا ونرثي لأنفسنا، فلا بدّ أن يهجرنا الناس ويتجنّبون صحبتنا، فكلّ واحدٍ عنده ما يكفيه من المتاعب والمشكلات”..
إنه رأي أكثر المؤلفين في العالم دعوة إلى التفاؤل، وإلى مواجهة كلّ ما يحول دون وصولنا إلى أهدافنا، فـ “الكثير من الأشياء المهمة في هذا العالم، لا يتحقّق إلا لأولئك الذين أصرّوا على المحاولة، بالرغم من عدم وجود الأمل”.
إنها رؤية اعتبرها الفيلسوف الرواقي “سينيكا” “براءةٌ خطيرة”.. ذلك إن “ما يدفعنا إلى الغضب والتألم والإحباط، هو أفكارٌ تفاؤليّة بشأن ماهيّة العالم والناس”.
اعتبرها كذلك، ودعا إلى عدم الثقة بالحياة والواقع، وبأن علينا توقّع “احتمالية وقوع كارثة في أي لحظة”..
الغريب هنا، أن هذا الفيلسوف الذي دعا إلى كلّ هذا، بل وخاطب الإنسان: “عليك أن تبتلع ضفدعاً كلّ صباح، حتى تضمن أنك لن تواجه خلال يومك ما هو أشدّ قرفاً من ذلك”.. الغريب أنه ذاته، من أعلن بأن “علينا عندما نفقد كلّ أمل، ألا نيأس”ّّ…
نعم، هذا غريب.. لكن، ليس غريباً أبداً، أن يعلن فيلسوف التشاؤم الألماني “شوبنهاور” بأن: “التفاؤل في عالمٍ كهذا، ذو طابعٍ سلبي، يضع الإنسان في معضلة فلسفية، ويجعله يركض خلف سرابٍ ووهم، يتمثّل في تحقيق السعادة التي هي شيء ليس له وجود حقيقي”..
ليس غريباً هذا عن “شوبنهور” ولا عن الفيلسوف الروماني “إميل سيوران” و لا حتى عن “روسو”” أو غيرهم من فلاسفة التشاؤم وفقدان الأمل، ممن اعتبروا الحياة شرّاً مطلقاُ، والوجود كلّه أذى جوهره المعاناة، والعالم بكلّ مافيه، لا يستحقّ أن نحبه أو ننتظر منه أيّ شيء..
حتماً، لن نختم بالدعوة إلى التشاؤم، بل إلى التفاؤل الذي دعا إليه أيضاً كُثر من الفلاسفة، لتكون أجمل الدعوات، دعوة فيلسوف الصين “كونفوشيوس”:
“بدل أن تلعن الظلام، أوقد شمعة”..