بعـيداً عـن الحلـويـات الجاهــزة وأســعارهـا المرتفعـة الصنـاعة المنــزليـة تــزدهــر مــن جــديد فـي حمص
الثورة – سهيلة إسماعيل:
وأنت تمر أمام محال بيع الحلويات في مدينة حمص تلاحظ أنها تكاد تخلو من الزبائن ما خلا في بعض المناسبات، ما جعل أصحاب محال بيع الحلويات يفكرون بتغيير محالهم، وهم يعزون سبب ارتفاع أسعار الحلويات بكل أنواعها إلى ارتفاع أسعار المواد الداخلة في صناعتها كالسكر والزيت والسمنة، إضافة إلى ارتفاع أجور اليد العاملة وارتفاع أسعار المحروقات.
كل هذه الأمور مجتمعة جعلت ربات البيوت غير القادرات على شراء الحلويات الجاهزة إلى التفكير بصناعة بعض أنواع الحلويات في المنزل، فهي ومهما كانت تكلفتها تبقى أرخص من الحلويات الجاهزة، واللافت- في السنوات الأخيرة- العودة إلى صنع بعض الحلويات التقليدية القابلة للتخزين، والتي تعتمد على العنب والتين كتجفيف التين وصناعة الزبيب ودبس ومربّى العنب أو التفاح والملبن والمعقود وغيرها، ولم يقتصر الموضوع على أماكن الإنتاج؛ أي مناطق الريف المشهورة بزراعة العنب والتين، فربات البيوت في المدن اعتمدنَ عليها أيضاً.
الحاجة أم الاختراع
ذكرت سيدة من قرية فاحل في ريف حمص الغربي أنها ونظراً لعدم قدرتها على شراء الحلويات الجاهزة من السوق عمدت هذا العام إلى صناعة الملبن من العنب البلدي، وهي صناعة كانت تقوم بها الجدات في الماضي، وكان كل بيت في القرية يتفاخر بصناعة كميات كبيرة من الملبن وتعتمد صناعته على إضافة كمية من الطحين إلى عصير العنب ثم يُغلى على نار هادئة ويُفرش على قماشة نظيفة، ويوضع في الشمس لمدة يومين، وبعد ذلك يتم رفعه عن القماش ويُقطع ويُوضع في أوانٍ لمدة يوم في الشمس ثم يُخزن في البراد لتقديمه لأفراد العائلة في فصل الشتاء، ويمكن إضافة بعض المكسرات كاللوز أو الجوز والفستق السوداني خلال فترة تحضيره ليصبح ذا فائدة كبيرة.
كما أشارت أم علي من قرية الشنية في الريف الشمالي الغربي إلى أنها تصنع الهبّول من التين اليابس بعد تنظيفه بمياه ساخنة وتنشيفه ثم طحنه بآلة طحن اللحمة اليدوية أو الكهربائية وتتحكم بشكله ثم تضعه في الشمس لمدة يومين ويمكن إضافة جوز الهند أو بعض المكسرات أو الاعتماد على الطريقة القديمة بإضافة قشر البرغل «الفريفيرة»، وبعد ذلك تخزنه لتقديمه في فصل الشتاء وطعمه يضاهي طعم أي نوع من أنواع الحلويات الجاهزة، هذا عدا عن نظافته وقيمته الغذائية المفيدة جداً.
– سيدة أخرى من قرية القبو ذكرت أن تجفيف التين في الشمس وصنع القلائد منه طريقة جيدة لتخزينه وتقديمه خلال فصل الشتاء، ولاسيما أن أسعار الحلويات ارتفعت ارتفاعاً جنونياً ما جعل سكان القرى المشهورة بإنتاج العنب والتين يعودون إلى صنع الزبيب والمربى من العنب والتين وعلى نحو كبير.
وفي مدينة حمص أفادت أم محمد أنها تشتري العنب البلدي وتصنع منه الدبس والمربى والزبيب وتقدمه لأولادها في فصل الشتاء لأنها لا تتمكن من شراء الحلويات الجاهزة نتيجة ارتفاع أسعارها .
وقالت سيدة أخرى تقطن في حي عكرمة بمدينة حمص أنه مهما كانت تكلفة صناعة الزبيب والدبس والمربى من التين الأخضر واليابس فلن تصل إلى سعر كيلو بيتيفور جاهز أو سعر كيلو بقلاوة أو حلاوة بمختلف أنواعها . لذلك عادت هي وجاراتها في الحي إلى تلك الحلويات التقليدية الشعبية وهي لذيذة الطعم وتفي بالغرض ويمكن تخزينها لتكون مؤونة للشتاء القادم معتبرة أن الحاجة أمّ الاختراع وعلينا أن نتدبر أمورنا المعيشية ونحتال على واقع صعب لم نفكر يوماً بالوصول إليه .
وأسعارها مرتفعة
واعتبر أحد الباعة الجوالين لقلائد التين اليابس والهبّول حين التقيناه في حي الدبلان الحمصي أنه حتى هذه الحلويات الطبيعية اللذيذة التي تًذكرنا بالماضي أصبحت مرتفعة السعر وليس بمقدور الجميع أن يشتريها، فكيلو الزبيب وصل إلى 20 ألف ليرة سورية، وكيلو التين اليابس تجاوز الـ15 ألف ليرة سورية .
وأعاد صاحب محل تجاري في حي وادي الدهب أن سبب ارتفاع أسعار الحلويات التقليدية المصنوعة من العنب والزبيب إلى الارتفاع الجنوني في أسعار جميع المواد من ناحية، وارتفاع أسعار العنب والتين الأخضر هذا العام مقارنة بأسعارهما العام الماضي .
لكن ومهما تكن أسعار العنب والتين وكل ما يُصنع منهما تبقى شهية ولذيذة وتذكرنا بالماضي، وما كان يحمل من بساطة وعفوية.