الثورة_تحقيق جهاد اصطيف_حسن العجيلي:
يحرص «علي عبد الحق» على تنظيف تلك ألواح الطاقة الشمسية غالية الثمن والعناية بها باستمرار، لأنها باتت مصدر الطاقة المهم لمنزله وورشته الصغيرة ضمن الحي الذي يقطن فيه.
يتفقدها باستمرار..
يقول علي عبد الحق- الذي يتفقد الأسلاك ويقوم ببعض أعمال الصيانة للألواح التي اشتراها: بتنا مجبرين أن نشتري أجهزة الطاقة الشمسية بعد انقطاع الكهرباء الطويل، ولكن سعرها باهظ الثمن، وهو في ازدياد خاصة خلال العامين الماضيين، وقد لجأنا لهذا الحل الأخير للحصول على الكهرباء المفقودة، وتجنب فواتير الأمبيرات المرهقة التي لم تعد تحتمل.
*توفير أكثر ولكن!
وهنا يبدو أن غلاء أسعار ألواح الطاقة الشمسية وتجهيزاتها لم يمنع من الوصول إلى بيوت بعض الميسورين، سواء في حلب أم غيرها، فهي بالنسبة لهم أكثر توفيراً، ويضيف علي: إن أصحاب الدخل المحدود يتمنون دون شك اللجوء إلى الطاقة الشمسية، لكنهم من الصعب بمكان الحصول عليها أمام تكلفتها العالية، والتي تفوق قدرتهم الشرائية أضعافاً مضاعفة، لأن الأمر ببساطة لا يخلو من بعض المنغضات، فالتحول إلى الطاقة الشمسية، لا يتطلب وجود الألواح فقط إنما هناك معدات أخرى ترتبط بها وتحتاج إلى صيانة وتحديث أو تبديل مستمر، فالبطارية قد تكفي لمدة سنتين وفي بعض الأحيان لا تصل إلى سنة، بسبب نوعيتها، فالمواطن لدينا دائماً ما يبحث عن الأشياء الأرخص ثمناً.
الأولى إطعام أولادي
فيما يذهب «أحمد كردي»، موظف إلى أبعد من ذلك بكثير ويقول: أنا غير قادر على تحمل أعباء الإنفاق على احتياجاتي العائلية، فكيف أتحمل تكلفة الطاقة الشمسية؟، ويضيف مواطن آخر ليست لدي القدرة على تركيب الطاقة الشمسية لأن وضعي المادي غير مريح فأنا عامل عادي، ويؤكد أن الطاقة الشمسية باتت تكلف ملايين الليرات، بينما نحن لا نمتلك ما يكفينا لسد رمق عائلتنا!
سرد «طاقوي» بسيط
ولأننا بتنا نعلم أن تحويل المنزل للاعتماد على الطاقة الشمسية، يتطلب تركيب ألواح على أسطح المنازل والمباني أو في مكان معرض للأشعة الشمسية، بزاوية تميل حسب سقوط الأشعة، ويتألف من ألواح شمسية ومحول وبطارية وأسلاك توصيل، ويقوم بتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية تشغل مختلف الأجهزة المنزلية، بتنا نعلم أيضا أن تكلفة تحويل المنزل للاعتماد الكلي على الطاقة الشمسية تختلف باختلاف حجم وعدد ونوع الألواح المستخدمة، إلا أن التكلفة بشكل عام تفوق القدرة الشرائية ليس فقط لمعدومي الدخل، بل أيضاً لمن تبقى من متوسطي الدخل لدينا، ففي حلب، حيث كانت تصل أحياناً ساعات انقطاع الكهرباء إلى نحو «٢٠» ساعة يومياً، ويقول «وائل عيسى» أحد العاملين في مجال الكهرباء: إن تكلفة تحويل المنزل للاعتماد على الطاقة الشمسية تبلغ حوالي»٣» ملايين ليرة لتوفير مايقارب أقل من «٣» أمبيرات، يمكن أن تشغل جزء من أجهزة المنزل لساعات محددة وبجودة أجهزة أقل من متوسطة ما عدا بقية التجهيزات المكملة- بينما لا يتجاوز دخل الموظف، على سبيل المثال «100 « ألف ليرة سورية شهرياً، فكم يلزمه يا ترى من وقت، لكي يستطع تأمين مستلزمات هذا الوافد الجديد؟، ويضيف «عبود الحلو» يعمل بمجال تمديدات الطاقة الشمسية- بأنه تتوفر نوعيات أخرى توصف بأنها أصغر مجموعة طاقة شمسية، وتبلغ تكلفتها بالتفصيل: (البطارية بـ/1150000/ ليرة، ولوح ضوئيات عدد 2 بـ/2600000/ ليرة وانفرتر بـ/1600000/ ليرة، وحديد تثبيت بـ/500000/ ليرة، وكابلات توصيل بـ/300000/ ليرة).
التفكير ملياً قبل تأمينها
ولأن الأمر كذلك، وإذا أردنا التفكير بالتكلفة الآنية فقط لتركيب»الألواح الزرقاء» فوق إحدى زوايا أسطح أبنيتنا، هذا إن توفرت لنا أصلاً، فلن نقبل على الأغلب اقتناء هذه الطاقة، على الرغم من أنها تشكل استثماراً مفيداً على المدى البعيد لا القريب وفقاً للكثير ممن يتعاملون مع هذه الطاقة، حيث يقول أحد الخبرات في هذا المجال: كل المعدات مستوردة، وهذا يعني أنه يجب أن يكون لديك قدرة لشرائها، ولكن برغم ارتفاع سعرها، إلا أن من يريد الاعتماد على هذه الطاقة سيعوض ما صرفه خلال فترة، حيث يمكن أن يستغني عن الكهرباء النظامية والاشتراك الباهظ الثمن «للأمبيرات» على المدى الطويل.
قرارات وهوامش ربح
المهندس «ممدوح ميسر» رئيس دائرة تحديد الأسعار في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحلب وفي وقت سابق أوضح خلال حديثه معنا بداية أن الوزارة أخضعت نسب الأرباح المسموح به لمبيع مستلزمات الطاقة البديلة للقرار « ١٢٠١ « لعام ٢٠٢١ ليكون بموجبه هامش الربح لهذه المستلزمات «١٥ « بالمئة للمستورد وتاجر الجملة و» ١٥ « في المئة لبائع المفرق، وبين القرار أنه على كل مستوردي الطاقة البديلة التقدم إلى بوثائق تكاليف استيرادهم لتتم دراسة التكلفة الحقيقية ضمن لجنة التسعير المركزية، وإصدار الصك السعري الناظم مركزياً من مديرية الأسعار ولكل حلقات الوساطة التجارية، وذلك قبل طرحها في الأسواق.
وأضاف: إن الوزارة فوضت بموجب القرار مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات بتحديد بدل تركيب أجهزة الطاقة البديلة من خلال لجنة فنية تشكل لهذه الغاية، وأنه على باعة المفرق الإعلان عن أسعار البيع النهائية للمستهلك وفق القرارات الناظمة لذلك وأيضاً على كل المتعاملين بمستلزمات الطاقة البديلة من مستوردين وتجار جملة ونصف جملة وموزعين تداول الفواتير النظامية وفق أحكام القرارات الناظمة مع ذكر الصفة التجارية للبيع ويتحمل بائع المفرق المسؤولية الكاملة في حال عدم احتفاظه بالفاتورة المقدمة من المستورد ويتم الإعلان عن بطاقة البيان والالتزام بالمواصفة القياسية السورية تحت طائلة تنظيم الضبط اللازم بحق المخالف عملاً بأحكام القوانين الناظمة لذلك على أن يخضع مخالفو أحكام هذا القرار للعقوبات المنصوص عليها في المرسوم التشريعي رقم « ٨ « لعام ٢٠٢١، وزيادة في التأكيد أصدرت الوزارة قبل نحو شهرين القرار رقم « ١٦٤١ « المتضمن إلزام المستوردين بتقديم بيانات كلفة للوزارة من أجل تحديد السعر وهامش الربح وغيرها، على أن تشكل لجنة فنية في المحافظة تتكون من المديرية والجمعيات الحرفية وأصحاب الخبرة من أجل تحديد أجور التركيب .
وكشف «ميسر» أنه حتى الآن لم يتقدم أحد بشكوى للمديرية بهذا الخصوص وحسب وجهة نظره قال «ميسر»: إن معظم الباعة في السوق باتوا الآن يستجرون بضاعة من النوع الجيد سواء الألواح أو البطاريات أو غيرها من المستلزمات لأن المواطن أصبح يميز هذا من جهة، ومن جهة أخرى هناك العديد من المستوردين قد دخلوا على الخط وأصبح هناك نوع من المنافسة فيما بينهم، ونحن بدورنا سنكثف الرقابة على مبيع هذه المستلزمات.
آخر لوح
وبرغم الجهود الحثيثة التي تبذل في هذا المجال وإمكانية انتشاره على أوسع نطاق، إلا أن الاعتماد على الشمس يبقى هو الحل الأمثل كما يرى ذلك الكثير من المواطنين، ولكن على ما يبدو أن الظفر «بلوح أو لوحين» ما زال يبدو أمراً بعيد المنال، أمام استمرار تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، والسؤال متى تمثل هذه الطاقة المتجددة خياراً متاحاً لدى أغلبية من الناس؟.
