الثورة – هفاف ميهوب:
منذ بداية الحرب على بلدنا، وشعورنا بأن العزلة بدأت تهيمن على أبناء مجتمعنا، يتفاقم مع تفاقم ملاحظتنا، بأن وسائل التواصل قد ألغت دور الكتاب.
لكن، كلّما افتتح معرض للكتاب في دمشقنا، نفضت رفوف المكتبات غبار التراكم والإهمال عنها، وأظهرت دور النشر ما لديها من إصداراتٍ.. أيضاً، تبارت الهيئات والمؤسسات الثقافية والفنية والعلمية، لتقديم كلّ ما أنجزته من فعاليات ونشاطات.
هذا ما يحصل في كلّ معرضٍ للكتاب، وما يحصل أيضاً في هذه الأيام، وفي انطلاقة الدورة الثالثة للكتاب السوري، وضمن المعرض المقام في “مكتبة الأسد الوطنية”.. حيث العناوين المتنوعة للعديد من دور النشر التي أولت اهتمامها، لكلّ الأذواق والأعمار والاختصاصات، الأدبية والمهنية والعلمية ـ الأكاديمية..
تجوّلنا في المعرض، وسألنا السيدة “عفراء هدبا” مديرة “دار دلمون الجديدة للطباعة والنشر والتوزيع” عن رأيها بالمعرض، وعما إذا كانت ترى بأن وسائل التواصل الاجتماعي قد ألغت دور الكتاب، فكان رأيها:
“كإنسانة سورية، أرى أن معارض الكتب عموماً، هي حالة صحيّة، خاصة في ظروف الحرب والحصار، وكمديرة دار نشر، أعتبر أن هذه المعارض هي من شجعني في هذه الظروف، على العمل والسعي لأن يكون لديّ إصدارات جديدة ومميزة، كي أشارك في كلّ معرضٍ يقام.
أنوّه هنا، بأنه ورغم أن معرض هذا العام اقتصر على المشاركات السورية، بسبب ظروف خارجية لا إرادة لنا فيها، ومنها وباء كورونا وأمور الشحن والتكلفة، وغيرها من ظروف لعبت دوراً في انعدام مشاركة دور النشر العربية.. رغم ذلك، نرى في المعرض إصدارات جديدة وقيّمة، وأيضاً الإقبال على المعرض أكثر من جيد، ولاسيما في الفترة المسائية، حتى إن مبيعاتي كدارِ نشرٍ مشاركة، كانت كبيرة جداً..
بالنسبة لوسائل التواصل، فهي ورغم هيمنتها وانتشارها الكبير، والدور السيء والمسيّس الذي قامت به بهدف التأثير على تفكير شبابنا، إلا أنها لا يمكن أن تلغي دور الكتاب، أو تجعلنا نتوقف عن الطباعة، إذ إن دورنا الأهم هنا، الاستمرار في الطباعة والإصدارات والمعارض، وبالتالي توعية الشباب، ومواجهة أي غزو ثقافي يسعى للتأثير على عقول شبابنا..
نعم، دورنا الاستمرار في تقديم إصدارات جديدة، مثلما المشاركة في المعارض، لمواجهة أي حربٍ أو غزو ثقافي، يسعيا للنيل من ثقافتنا وحضارتنا وإرثنا وعقول أجيالنا…