راغب العطيه
القوى الجوية والدفاع الجوي في جيشنا العربي السوري، ومنذ تأسيسها في 16 تشرين الأول 1946، كانت ولم تزل العين الساهرة التي تحرس سماء الوطن، و تذود عن ترابه الطاهر، وقد سطرت خلال 76 عاماً من عمرها ملاحم في البطولة والفداء دفاعاً عن سورية وشعبها وأرضها واستقلاها.
وفي الذكرى الـ 76 ليوم القوى الجوية والدفاع الجوي نستذكر بطولات نسورنا الأبطال منذ حرب عام 1948 دفاعاً عن أرض فلسطين وعروبتها إلى حرب حزيران 1967 إلى بطولاتهم الخالدة في حرب تشرين التحريرية، مجسدين خلالها قول القائد المؤسس حافظ الأسد “سماؤنا لنا حرام على غيرنا” خير تجسيد، مروراً بالمهام الكبيرة التي أداها أبطال القوى الجوية والدفاع الجوي في الدفاع عن لبنان، ووصولاً إلى الانتصارات الكبيرة التي حققتها هذه القوات على التنظيمات الإرهابية من داعش والنصرة ومشتقاتهما، والمدعومة بشكل مباشر من الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني وكل منظومة العدوان، الغربية منها والإقليمية.
ففي عام 1948 ونتيجة لعدم وجود طيران مقاتل لدى الجيش السوري، اضطرت قيادة هذا السلاح الناشئ لاستخدام طائرات التدريب من طراز (هارفارد) في القتال، بعد أن أجرت عليها بعض التعديلات وزودتها برشاشين أحدهما أمامي للهجوم على الأهداف، والآخر خلفي يستخدمه الرامي للدفاع ضد أي طائرة تهاجمه عندما يكون الطيار بوضع لا يمكنه من إصابة الطائرة المهاجمة، وكانت الطائرات تقلع من مطار المزة العسكري وتدخل ميدان المعركة فتسقط قنابلها على مواقع العدو ثم تعود إلى قاعدة انطلاقها.
ورغم ضعف سلاح الطيران السوري في تلك الحقبة إلا أن نسورنا الأبطال المؤمنين بعروبتهم وحقوقهم المشروعة والمتمثلين لعقيدة جيشهم الوطنية والقومية حققوا تفوقاً واضحاً على سلاح طيران العدو الإسرائيلي، وظل هذا التفوق قائماً حتى بدأت الهدنة الأولى التي استغلها الكيان الصهيوني باستقدام كميات ضخمة من الأسلحة الفتاكة والمتطورة من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، بما في ذلك الطيران.
وقد أكدت حرب حزيران عام 1967 والهزيمة العربية فيها على ضرورة التوسع بالدفاع الجوي كماً ونوعاً، فتم تشكيل فوجي صواريخ مضادة للطائرات موجهة من طراز دفينا حتى عام 1970، كما شهدت الأعوام الثلاثة التي تلت وحتى عام 1973م، تطوراً نوعياً وكمياً للدفاع الجوي، فقد تم تشكيل 6 ألوية صواريخ مختلطة، وكذلك 9 أفواج مدفعية، كما دخل في الخدمة صواريخ محمولة على الكتف من طراز (كوبرا)، ومدفعية مضادة للطائرات رباعية عيار 23 مم مقادة بالحاسب والرادار ذاتية الحركة من طراز (شيلكا)، وأصبح الدفاع الجوي عشية الخامس من تشرين الأول عام 1973م قادراً على القيام بكل المهام القتالية التي توكل إليه.
وقد لعبت القوى الجوية والدفاع الجوي في حرب تشرين التحريرية دوراً بارزاً في بتر الذراع الطويلة التي كان العدو الإسرائيلي يتبجح بها وهي سلاحه الجوي، وحطمت صلفه وغروره، وتمكن مقاتلو القوى الجوية والدفاع الجوي من تكبيد العدو خسائر جسيمة بالطيارين والطائرات، وخسر العدو السيطرة الجوية بشكل لافت، وعليه لم يتمكن سلاح الجو الإسرائيلي من تقديم الدعم الجوي بفاعلية لقواته البرية على الأرض.
ومن المهام التي نذكرها هنا والتي نفذتها القوى الجوية دعماً للقوات البرية تم تنفيذ الإنزال الجوي في مرصد جبل الشيخ مع نهاية تمهيد الطيران وتمكنت قوات الإنزال من احتلاله خلال الدقائق الأولى من الحرب.
وقد ظهر الدفاع الجوي في حرب تشرين التحريرية كأحد أهم العوامل المؤثرة في هذه الحرب، وأبدى دوراً بارزاً ومتميزاً في التأثير الحاسم على سير العمليات الحربية، وتمكن ليس فقط من إلحاق الخسائر الفادحة بالعدو، ومنعه من كسب السيطرة الجوية وتنفيذ مهامه فحسب، بل من تحطيمه تماماً في الجو، وبالتالي تحقيق الحماية لسورية وللقوات على الأرض بدرجة عالية من الكفاءة والفعالية.
ومنذ حرب تشرين التحريرية إلى يومنا هذا تواصل القوى الجوية والدفاع الجوي مهامها الوطنية والقومية بكل قوة واقتدار ملحقة الهزيمة والعار بالتنظيمات الإرهابية والكيان الصهيوني وكل الداعمين لهذه الكيانات الإرهابية والاحتلالية المجرمة.
اقرأ في الملف السياسي