قطرة صغيرة من مادة لاصقة سقطت من دون قصد على ثوبها المحبّب، فأفسدته.
وما زاد الأمر سوءاً أن ردّة فعلها المباشرة غير الواعية جعلتها تتناول منديلاً ورقياً بسرعة لتلتقط بقايا القطرة، فلصق المنديل، لتثبت بقايا منه على الثوب.
مجرد قطرة صغيرة شوّهت ثوبَها المفضّل..
تناثرتْ عليه بينما كانت منشغلة بإصلاح أحد الأغراض المنزلية.
في النهاية أصلحتْ ذلك الغرض، لكن بالمقابل تمّ إفساد شيء آخر.
ثمة أخطاءٌ تتفشّى في حياتنا تماماً كما تفشّت تلك القطرة من دون أن نمتلك القدرة على إصلاحها أو الترميم من بعدها.
ما كمية الأخطاء المتناثرة منا مهما تناهت في الصغر، حين نكون مستغرقين في شأنٍ كبير أو نعتقد أنه كبيرٌ ومهم..؟
هل فكرنا أننا نفسد أشياء كثيرة، بينما نظن أننا نصلح ما هو أهم..؟
لكلّ منا أخطاؤه الصغيرة المخبّأة خلف أفعالٍ وتصرفاتٍ عديدة..
نُغفلها أو نتغافل عنها..
ببساطة، لأننا نتذرع بعدم رؤيتنا لها..
وكأن المشكلة تنحصر بزاوية الرؤية، على هذه الحال..!
بالنسبة لها، تمتلك قدرة جيدة على تجاهل أخطاء الآخرين وتبريرها..
كل ما تفعله، بالطبع حين يكون هذا الآخر مقرباً ويعنيها أمره، أنها تضع نفسها مكانها.. فتبرر وتكتشف الكثير من الأعذار..
مشكلتها بقلّة من يضع نفسه مكانها..
يبدو أن الناسَ لاهيةٌ عن نفسها لدرجة أنها تنسى أن تملأ حيزَها الخاص..
وليست كل الأماكن خُلقت ليشغلها أيّ كان.
اطمأنتْ لهذه الفكرة الأخيرة..
فماذا لو كانت المشكلة كامنة بالحيز المكاني فعلياً وليست بالرؤية..؟
وماذا لو كانت أبشع الأخطاء وأكثرها وجعاً، تلك التي نرتكبها بحق أنفسنا من دون وعي..
حينها، لن يشكل فرقاً لا الحيز المكاني ولا زاوية الرؤية..
ربما كان الزمن وحدَه من ينتشلنا من دائرة أخطاء ذاتية لا نبصرها..
أو ربما قناعات تتشابه مع ما قاله (بول ريكور): “بما أنني أنا لست الكائن الأعظم أجدني معرّضاً إلى ما لانهاية من الإخفاقات، بحيث إنه لا ينبغي لي أن أندهش عندما أخطئ”.