تحقيق- سلوى إسماعيل الديب:
مستقبل مجهول لذوي الاحتياجات الخاصة بعد حصولهم على الشهادة الثانوية، رغم امتلاك بعضهم مواهب مميزة، ولا ننكر ما تقدمه الحكومة من تسهيلات لأمورهم، يبقى هناك ثغرة في مكان ما، فالعديد من المعاهد ترفض قبولهم بعد الحصول على الثانوية.
الثورة تابعت عدة حالات واستطلعت آراء المعنيين حول بعض النقاط المتعلقة بما هو مطروح بخصوص مستقبل هذه الشريحة من المجتمع.
صعوبة المناهج
تحدثت «أوجيني رزق» والدة الطالبة «مايا القبة» التي لديها صمم عميق عن تجربتها، قائلة: قمنا بإجراء عملية حلزون لابنتنا وهي في الصف الأول، وبعدها صدر قرار الدمج في العام نفسه، وافتتحت مدارس خاصة بالدمج، تنقلت ابنتي بين هذه المدارس، ورغم أنها كانت الحالة الوحيدة خصص لها مدرّسة مصادر، وكان تقدمها بسيطاً كونها لا تزال ضمن التأهيل، وهنا بدأت المعاناة بسبب صعوبة المنهاج على ذوي الاحتياجات الخاصة، وكأن المطلوب من هذا القرار أن يصلوا للصف السادس الإبتدائي فقط، ولكنني قمت أنا والعديد الأهالي بجهد كبير، حتى وصلت بناتنا إلى الصف الثالث الإعدادي وحصلن عليه، وقد وجهنا أكثر من كتاب للجهات المعنية للنظر بالأمر لكن دون نتيجة، لتخصيص ذوي الاحتياجات الخاصة بجزء من المنهاج وإبعادهم عن حشو الكلام، وبعد حصول بناتنا على شهادة التعليم الأساسي اخترنا لهن فرع الفنون النسوية، كونها تراعي حالتهن وأغلبها تطبيق عملي، ومجال يحببنه ويبدعن فيه، فعندما أتى وفد وزاري ورأى نتاجهن وهن في المرحلة الثانوية، أعجب جداً به، وهم ثلاث فتيات فأوصت اللجنة بمتابعة حالتهن، لمعرفة مجال إبداعهن، ولكن بعد حصولهن على الثانوية لم نستطع إرسالهن لدمشق لدراسة الفنون الجميلة، نظراً لوضعهن الصحي، ولم يتم قبولهن في معهد الرسم، رغم حصول ابنتي على أعلى درجة في امتحان الرسم 90 درجة، نتمنى النظر في وضعهن نحن نريد أن يتلمسن طريقهن من خلال عمل ما، سواء تعليم مرحلة ابتدائية أو حتى رياض أطفال..
وتساءلت «رزق»: إذا كنتم ستعاملونهن كذوي احتياجات خاصة لماذا كانت عملية الدمج؟؟
وتضيف: إما أنَّ آلية الدمج غير صحيحة، وإما أنها لا تطبق على أسس سليمة، حيث إن ابنتي كانت تتعرض للتنمر من زميلاتها.
فوق قدراتهم
وأضافت والدة الشابة «نوارة بدور» التي تعاني كذلك من مشكلة في السمع، قائلة: درست ابنتي في المدارس غير الدامجة، وكانت الأمور جيدة حتى وصلت للصف الثامن، حيث مارست مدّرسة في الصف عليها التنمر، ورفضت مراعاة حالتها والوقوف أمامها لتقرأ شفتيها أثناء الشرح، حين تعطلت سماعة أذنها، فأرسلناها لألمانيا لتصليحها لعدم إمكانية إصلاحها في سورية، ما دفعنا لنقلها لمدرسة أخرى.
وأشارت والدة الطفل «مصطفى» المصاب بالتوحد لمعاناتها وعدم حصول ابنها على الفائدة فهو يمضي وقته في المدرسة، يرسم بعيداً عن الدروس حيث المناهج فوق قدرته على الاستيعاب.
قوانين خاصة
تحدثت «بثينة شعبان» مديرة مدرسة «محمود سلوم « للدمج عن تجربتها في المدرسة قائلة: يعود أمر الاستفادة لنوع الإعاقة فإذا كانت حركية فهو مثل أي طالب طبيعي، أما الأطفال الذين لديهم إعاقة ذهنية فلدينا طيف التوحد الذي يتعاون معنا الأهالي بشكل كبير والطلاب يستفيدون، أما الإعاقات الذهنية تأخر النمو والتطور الحركي فإنهم يعانون مع المناهج، والفائدة الوحيدة من الدمج هي اندماجهم مع الطلاب اجتماعياً أكثر من استفادتهم تعليمياً، فلا أحد من الكادر قادر على إيصال المعلومة لهم، مع ضرورة إنشاء مراكز خاصة لهم، فمدارس الدمج لها قانونها الخاص من حيث العمر، حيث نقبل الأعمار الأكبر سناً من المعتاد بسنة أو أكثر، حتى متلازمة داون متعاونين جداً حيث كانت لدينا طالبة درست من الصف الأول حتى السادس، تفوقت في الشهادة الإعدادية، وكان لدينا طالب كفيف مميز ومن المتفوقين، ولديه قدرة العزف على أكثر من آلة..
أضافت «شعبان»: بالنسبة للتنمر يقوم المرشدون بدورهم مع معلمي الصف وأتابع بنفسي الحالة، ونعمل على نشر الوعي لدى طلابنا، بضرورة مساعدة هؤلاء الأشخاص وأن يكونوا رفاقهم وعوناً لهم.
لجان مختصة في شهر آب
وخلال لقاء رئيس دائرة البحوث في تربية حمص «عبد الحسيب قدور» أجاب عن بعض التساؤلات:
بما يتعلق بالمدارس غير الدامجة، نحن نشكل في بداية كل عام لجنة لاستقطاب وتسجيل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة أو في حال وجود حالات خاصة، وذلك في بداية شهر آب لمدة شهر كامل، ولكن المشكلة بقيام بعض إدارات المدارس التي تقبل تسجيل أطفال دون رؤيتهم، ليكتشفوا لاحقاً بأن لدى الطفل مشكلة، في وقت تكون مهمة اللجنة الطبية الأكاديمية، قد انتهت، فيرسل الطفل لدائرة البحوث، فيقع الإشكال بين الأهل والمدرسة، حيث يحتاج الطفل لرعاية خاصة، والمدارس غير الدامجة غير مؤهلة لذلك، فنعمد على تحويله لمدرسة دامجة.
أغلب المدرسين مؤهلون
أما بالنسبة للتنمر فهو حالة فردية، ويوجد مرشدات نفسيات في المدارس، وهن المسؤولات عن حالات التنمر داخل المدارس، حيث يمتلكن مهارات وكفاءة كبيرة لمعالجة حالات التنمر سواء صدرت عن طلاب أم مدرسين وتتم معالجة الحالة في المدرسة، علماً أن أغلب المدرسين خضعوا لدورات صعوبة التعلم وتعديل السلوك ودمج ذوي الإعاقة.
لجنة تقييم
أما منسقة الدمج في دائرة البحوث «لوانا إبراهيم» فقالت: نحن لدينا لجنة تقييم مؤلفة من أربعة أشخاص هم منسق وموجه تربوي وطبيبة أطفال ومرشدة نفسية، حيث يأتينا الأطفال الراغبون في التسجيل في الصف الأول ابتدائي، فيكون لدينا استمارة موضوعة من وزارة التربية بالتعاون مع منظمة «آمال» فيها 30 سؤالاً تتضمن جانباً إدراكياً ولغوياً، وعلى الطفل الإجابة عن نصف الأسئلة فما فوق، حتى يقبل في المدارس الحكومية، وإذا حقق 32 علامة يقبل في مدارس الدمج، وإذا لم تتم الاستجابة، نكتب على الاستمارة إعادة تقييم أو نعطيه فرصة أخرى لاحقاً..
يحقق الاستقلال الذاتي
أضافت «إبراهيم»: في الأمر الثاني نأخذ بالحالات البسيطة والمتوسطة، الهدف من الدمج دمج الأطفال اجتماعياً وأكاديمياً وتعليمياً، لكن بعض الأطفال لا يحققون شروط الدمج التعليمي والأكاديمي، فنكون حققنا الدمج الاجتماعي، على الأقل يصبح الطفل قادراً على قراءة لافته، أو شارة سرفيس أو الذهاب للمكان الذي يقصده، ونحقق أهم هدف هو الاكتفاء الذاتي والاستقلال المادي له، ويتعرف العمليات الحسابية البسيطة كالجمع والطرح.
ليس لدينا كوادر مؤهلة للتدريب
أما الدكتورة «جمانة خزام» رئيسة شعبة الإرشاد النفسي والاجتماعي في دائرة البحوث فأضافت: التنمر موجود في المدارس لأسباب عديدة منها البدانة والفقر، ولدى المرشدين أساليب اكتسبوها من دراستهم كيفية التعامل مع التنمر، أما التنمر على ذوي الاحتياجات الخاصة ليس لدينا تدريب خاص له، والمرشد هو من يعطي محاضرات بهذا الأمر للأهالي والمعلمين والطلاب، ونجري دورات عن طريق منظمات دولية لعدد محدود، فتحدد المنظمة العدد، فلا نستطيع تغطية عدد كبير، ولو أردنا أن نجري هذه الدورات في مديرية التربية ليس لدينا كوادر مؤهلة للتدريب .