أدار الندوة: ميساء العلي- حسين صقر- جاك وهبه- بتول عبدو
«كل ماهو صغير جميل « مقولة كان يرددها على الدوام المهاتما غاندي للاقتصادي الألماني شوماخر ومن حينها استطاعت الهند أن تحفر لها بصمة بين دول العالم في تجربة المشاريع الصغيرة والمتوسطة .
اليوم اقتربت حكاية المشاريع الأصغرية والصغرى والمتوسطة في سورية من قصة «ألف ليلة وليلة»، لكن شهريار تفنن في رواية القصص في الليل والنهار اليوم حول المشاريع الصغيرة والصغرى والأصغرية.
حقيقة دخل كل ما يتعلق بالمشاريع الصغيرة بمسارات متعددة تبدو في بعض الأحيان اقرب إلى المتاهات.. للكثير من الحلقات المفقودة في التسويق والترويج.. وربما في طبيعة البرامج التي يتم من خلالها بناء هذه المسارات.
لكن في التفاصيل تبدو الجهود كبيرة.. وهيئة المشاريع الصغيرة التابعة لوزارة الاقتصاد مستمرة في مراكمة وإضافة الجديد دائما لهذا الملف الذي كشف الكثير من تفاصيله مديرها العام إيهاب اسمندر.
في شق التمويل الأصغري والمتناهي بالصغر كان لحضور المدير العام التنفيذي للمؤسسة الوطنية للتمويل الصغير منير هارون الفرصة لمتابعة محفظة الاقراض التي بدأها المصرف من قرابة العامين، ومنها الكشف عن القروض الصغيرة التي يعمل عليها المصرف عليها والتوسع الافقي في المدن السورية.. .الخ.
ومن مصرف التوفير استضافت الثورة معاون المدير العام للمصرف وائل محمد الذي مثل قطاع المصارف العامة في حديثنا هذا ، متحدثاً عن القروض الصغيرة المدعومة بالضمانات والإجراءات وبسعر الفائدة ، وتوسع محمد للحديث عن تجربة المصرف في التمويل الصغير جداً والذي بدأ من العام 2005
طاولة الثورة.. في ندوتها وحلقة نقاشها هذه تدعوكم لمتابعة تفاصيل وخدمات جديدة حول المشاريع الأصغرية والصغرى والمتوسطة..
مدير هيئة تنمية المشروعات الصغيرة ايهاب اسمندر بدأ كلامه بالحديث عن أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة قائلا: معظم الدول المتقدمة تبني اقتصادها على المشروعات الصغيرة التي شكلت الركيزة الاساسية بنهضتها في حين الدول النامية اعتمدت على منتج طبيعي أو ثروات باطنية وبنت خططها وبرامجها الاقتصادية على هذا المنتج، لذلك نرى أن الدول المتقدمة اعتمدت على خلق القدرة على استثمار هذا النوع من المشروعات.
4٪ حصتها من التمويل
وكشف اسمندر أن مؤشرات مرتفعة حققها هذا القطاع حيث إن 56% من اليد العاملة في سورية يعملون في المشروعات الصغيرة وتصل مساهمته أحيانا إلى 62% من الناتج المحلي الاجمالي.
لكن وبحسب كلام اسمندر فإن مشكلات هذا القطاع الأساسية بعدم نفاذيته إلى التمويل أي أن حصة قطاع المشروعات الصغيرة من اجمالي التسهيلات المصرفية لعام 2021 كانت 4% فقط وهذا رقم قليل جدا ويعد من أقل دول العالم إضافة إلى المشكلات الإدارية، حيث يواجه هذا القطاع صعوبات عديدة.
وتابع : بعد الدراسات التي قمنا بها لبعض العينات من المشاريع تبين أنه من أصل 2800 مشروع يوجد 43% منها لايعرفون إجراءات الترخيص، لذلك لم تبصر النور لذلك عملت بالاقتصاد غير المنظم (اقتصاد الظل) وهذه مشكلة كبيرة بالنسبة للمشروع ولنا وللدولة على حد سواء.
وقال :هناك مشكلات أخرى كالمشكلات الفنية التي تتلخص بعدم القدرة على تأمين المواد الاولية إضافة لمشكلات الآلات وخطوط الإنتاج وعدم توفر قطع الغيار والمشكلة الأكبر تكمن بالتسويق حيث أن 72 % من المشاريع الصغيرة تعاني من مشكلات تسويقية ، والمفاجأة أن 53% من المشروعات الصغيرة تعاني من نقص العمالة على الرغم من ارتفاع نسبة البطالة لأنه ليس بالضرورة توفر الخبرة المطلوبة لهذا المشروع أو ذاك في العاطل عن العمل لان رأس المال البشري أهم من المادي في المشروعات الصغيرة أي وجود عاطل عن العمل غير قادر على اشغال فرصة العمل لأنه لا يمتلك الخبرة المطلوبة، كما أن عدم التنظيم للمشاريع الصغيرة أحيانا محكوم عليه بالفشل.
أما المديرالعام لمصرف الوطنية للتمويل الأصغر منير هارون قال في بداية حديثه: بالمبدأ الوطنية للتمويل للأصغر كونها أحد كيانات الأمانة السورية للتنمية تمتلك 99,6% من أسهم مصرف الوطنية فأغلب توجهاتها كانت مبنية على موضوع التنمية سواء على الجانب البشري أو على الجانب الاقتصادي.
سعر الفائدة
وأضاف أن قطاع التمويل الأصغر مبني على الخبرة الموجودة لدينا من خلال تعاطينا مع الأشخاص الذين حصلوا على القروض أو واجهتهم مشكلات بالحصول على تلك القروض من مصرفنا.
وبحسب هارون فإن مشكلات القطاع ليست تمويلية فقط ، وليست سعر فائدة فقط وإنما عبارة من مجموعة من المشكلات المعقدة التي تحتاج إلى تفكيك وتبسيط فالحلول ليست لدى جهة واحدة وإنما بعدة جهات وعلى كل جهة أن تتعامل مع الجانب الذي يخصها سبيل المثال: «نحن لدينا فائض بالسيولة لكن ليس لدينا اقبال على الإقراض وهذا نعزيه إلى ارتفاع سعر الفائدة على الودائع خلال شهر نيسان الماضي والذي فرض حد أدنى 11% سنوياً ما أجبرنا على رفع معدلات الفوائد حتى وصل إلى 18أو 20%.
وأشار إلى أن هناك مصارف بالتمويل الأصغر وصل سعر معدل الفائدة إلى 24%.
وأضاف حول تجربة المصرف مع الأمانة السورية للتنمية أن هناك مشروع أطلقناه بشهر نيسان تحت مسمى «منتج مشروعي» للمتضررين بالحرائق الأخيرة بمدينة اللاذقية كخطوة أولى ومن المقرر في العام القادم استهداف محافظات أخرى بهذا النوع من المشاريع ، مشيرا إلى أن الأمانة السورية تدعم سعر الفائدة لمبالغ معينة من القروض لتخفيف الأعباء عن الأشخاص لافتا إلى أن هناك أشخاص فشلت مشاريعهم فعلى سبيل المثال «مشروع تربية النحل لانتهاج العسل» وذلك نتيجة عدم قدرته على التسويق أو الشكل الخارجي لترغيب الزبون على الشراء.
35 ألف قرض
وبنفس الوقت لم يخف هارون وجود جهات وصائية وإشرافية للتحقق من جدوى القروض من خلال جولات رقابية مثلنا كمثل أي جهة مصرفية لحماية هذه الأموال لأنها أموال مساهمين خاصة أننا كمصرف تمويل أصغر أغلب الودائع لدينا بالليرة السورية وليس لدينا رصيد بالقطع الأجنبي مثل المصارف التقليدية والإسلامية لحماية المصرف في حال ارتفاع سعر الصرف وبالتالي التضخم يأكل الكتلة المالية عام تلو الآخر.
بالمقابل نرى أن هناك مشاريع تقدم لنا لتأخذ قروض لكن لا تملك تنظيم في عملها.
ونوه هارون إلى أن عدد القروض الممنوحة من الوطنية لغاية 30 أيلول الماضي من هذا العام تجاوز 35 ألف قرض بقيمة 43 مليار ليرة.
معاون مدير مصرف التوفير وائل محمد بين أن المصرف اهتم بقروض ذوي الدخل المحدود والمشاريع متناهية الصغر وأطلق مؤخرا قروضا للمشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة تماشيا مع توجهات الحكومة لافتا أن المصرف كان
ديه تجربة سابقة من عام 2000 لتمويل المشاريع الصناعية والخدمية والصحية والمدارس والجامعات.
ونوه أن المصرف كان لديه تمويلات متنوعة بهذا المجال حتى قبل صدور القانون رقم 8 الخاص بتمويل المشاريع المتناهية الصغر، إضافة لتجربة المصرف مع هيئة تخطيط الدولة حيث مول 300 قرض للمحافظات بين حمص وطرطوس واللاذقية وكانت ناجحة ونسبة السداد كاملة.
محمد تطرق إلى ثقافة جديدة تحاول المصارف التقليدية تقليد الخاصة بها من خلال ذهاب المصرف للزبون بدلا من قدوم الزبون إليه ، وحاليا تم تشكيل فرق لذلك تم تدريبها ليس فقط لمنح القرض وإنما مساعدة الزبون على التسويق والجدوى الاقتصادية للمشروع ، بمعنى البحث عن الزبون.
ضوابط
وقال: بدأنا بالمشاريع المتناهية الصغر إلا أن الإقبال ما زال ضعيفا ونعمل على تبسيط الإجراءات حيث قمنا بإلغاء موضوع التراخيص والقبول بأي وثيقة من أي جهة حكومية حتى لوكانت من المختار، منوها إلى مشكلتنا الأساسية هي بتسويق المشروع ، لذلك نحن بحاجة إلى بحث واجتماعات أكثر لنصل إلى مستوى القطاع الخاص فنحن لا نستطيع أن ننافس القطاع الخاص حاليا، ليس من باب الخبرة أو العمل لكن لدى القطاع العام ضوابط وبحاجة للإمكانيات المادية لتغطية أمور تفصيلية.
وذكر أن مصرف التوفير عني بالعديد من المشروعات الصناعية كمشرعات الحديد ومعاصر الزيتون و الأعلاف بالمدينة الصناعية بعدرا وحلب ومشرعات النسيج إضافة إلى المشاريع السياحية.
وقال: سابقا كانت المشاريع تأتينا من هيئة الاستثمار أو وزارة السياحة مشملة ومعها كتاب توسط لمنح القرض الأمر الذي كان يساعدنا على تجاوز الكثير من الإجراءات.
من النقاط التي تم طرحها كانت حول بعض الاشخاص الذين يقدمون المشروع وهدفه والدراسات والجدوى والأوراق المطلوبة ومنهم من يأخذونه ويحولونه لغايات أخرى والسؤال: هل المهم تسديد القرض أم المتابعة فيما بعد؟
أجاب هارون أنه بإحدى الجلسات مع الأمانة السورية للتنمية طرح سؤال حول الأثر الاجتماعي والإنساني لتلك القروض وكيف نقيس أثرها؟
الجواب كان أن الدور الاجتماعي والإنساني قبل المالي والتجاري وهو ما يخلق الأثر الإيجابي في حياة الإنسان.
وقال هارون «اذا كانت مهمتي كمصرف أن أمنح خمسة ملايين لشخص وأقول له افعل ما تشاء ولدي التزام مئة بالمئة بالسداد أحقق الغاية المالية والربحية والإنسانية وقمت بتدوير المال وساهمت بقيام مشاريع جديدة تكون حاملة لفرص عمل وتخفف من البطالة هذا يفرض أن يكون هناك مشروع قائم وحقيقي ليتم اعطاء القرض على أساسه.
وأضاف عندما يكون لدي مشروع نقوم بزيارة المكان قبل لاستطلاع ماذا سيفعل المقترض وماهو نوع المشروع سواء كان مزرعة أبقار أو بقالية أو غير ذلك ونطلب نسبة مشاركة لنتحقق من جديته أو اثبات ملكية عن عقار.
وضرب لنا مثلا عندما اندلعت الحرائق في منطقة الساحل طلب من المصرف منح قروض وتدخل عاجل لمساعدة المتضررين وتم بالفعل منح الاكثر تضررا وذلك بالتنسيق مع الفعاليات المسؤولة بالقرى كالبلديات والمخاتير والفرق الحزبية والجمعيات الفلاحية حيث منحنا مليار وسبعين مليونا إلى ٢٤٥ متضرراً دون طلب أي فوائد أو أي ضمان لمدة عشر سنوات وحصل كل شخص على خمسة ملايين على أن يحول المبلغ إلى مشروع وبعد ستة أشهر أجرينا عملية مسح بطلب من الامانة السورية للتنمية على تلك القرى فتبين أن من ٢٤٥ شخصا فقط هناك 10 أشخاص نفذوا مشاريعهم الخاصة والباقي أنفق تلك الأموال على غايات أخرى.
بالمقابل قال اسمندر المطلوب أن تكون الهيئة شريك مع صاحب المشروع من بدايته ومتابعة هذا المشروع خاصة أن الهيئة هي مؤسسة غير ربحية.
برامج استهدافية
مشيرا إلى ضرورة العمل على برامج استهدافية كطرف ثالث غير ربحي لحل هذه المشكلة من خلال فائدة ميسرة على أصحاب المشروعات ونافذة وفق القوانين والأنظمة النافذة بالنسبة للمصارف وبنفس الوقت أن يكون هناك دور فاعل لمؤسسة ضمان مخاطر القروض لتكون جزء من هذه المنظومة قدر الإمكان وبذلك لن ندخل ضمن متاهات هل هذا الاجراء صحيح أم لا.
وبذلك نكون تركنا الاجراءات موجودة حسب ما هو مطلوب وفق الجهات الوصائية وضمنا مصلحة هذه المصارف وبذلك يصبح هناك إقبال على هذه القروض التي لم تعد تشكل أي عبء من جهة سعر الفائدة، وبذلك لا تتحمل المصارف خطر سعر الفائدة.
ولفت إلى أن أي مشروع عندما يدرس من كافة الجوانب ستكون نتيجته النجاح فلدينا مشروعات أثبتت نجاحا كبيرا، وهناك تراكم بالفشل لعشرات المشروعات بالمقابل.
دور تكاملي
للأسف غاب عن الندوة عنصر فاعل وأساسي وكان السبب الرئيسي لعدم منح القروض بحجة الضمانات، مؤسسة ضمان مخاطر القروض التي تحدث بلسانها مدير عام هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ايهاب اسمندرقائلا: المؤسسة لن تقوم بالدور كله، لكنها تستطيع أن تخفف من الخطر عن العديد من المصارف، فدورها بمفردها غير كاف ، هي تلعب جزء من هذا الدور، -دور الضمانات – ، لكن هذا الدور معول عليه أن يكون مهما ويكمل العمل المصرفي بالتنسيق مع المصارف لأنه في النهاية المصارف لديها منتجاتها وسياساتها الخاصة بها فعندما يكون المصرف لديه تخوف في مكان ما تقوم المؤسسة بضمان هذا الخطر،وبحسب اسمندر فإن الدور الاهم أن تكون كل الحلقات متكاملة لا تستند على ركيزة واحدة و بذلك نصل الى قطاع قوي صلب قادر أن يحقق الغاية التنموية المطلوبة وألا يكون هناك أي طرف خاسر.
بدوره مدير الوطنية للتمويل الأصغر منير هارون قال: مؤسسة ضمان المخاطر والقروض مرت بمخاض لكنها الآن بوجود مجلس ادارة جديد استطاعت أن تتطور بشكل سريع .
مشيرا إلى أن الوطنية للتمويل تفخر بحصولها على الصك الأول من مؤسسة ضمان مخاطر القروض.
ورأى أن تكامل الأدوار هو الأساس في هذا المثلث أي قرض يمنح مالا وهيئة تساعد بدراسة الجدوى الاقتصادية ومؤسسة تضمن أي خطر متوقع .
وأمل أن يرتفع سقف الإقراض إلى أكثر من 100 مليون وتغيير منهجية العمل بشكل الكتروني بعيدا عن الورقة والقلم.
في حين اعتبر معاون مدير مصرف التوفير وائل محمد أن المصارف تعتبر من أول المؤسسين مع مؤسسة ضمان مخاطر القروض، وحاليا تم توقيع اتفاقية مع المؤسسة لمعرفة المنتجات المطلوبة.
رفع سقف القرض
وأشار إلى أن المصارف الحكومية تعاني من موضوع الضمانات كونه لدينا سقف محدد من الكفالة الشخصية المقدر بـ ٥ ملايين ليرة ، والمصرف أخذ موافقة مجلس الادارة لرفع السقف إلى 10 ملايين ليرة.
وقال إن المؤسسة تضمن ٧٠ % من قيمة القرض والباقي المصرف يعالجها بطريقته.
تقاطع معلومات
وفي تعليق اسمندر حول الزيارات التي تقوم بها الهيئة الى الوزارات والجهات العامة اعتبر ان اللقاء مع تلك الجهات له عدة ابعاد احدها تعديل التعريف وليس له علاقة مباشرة بعمل الجهة وجزء اخر يتعلق بقاعدة البيانات حيث لايعلم اي شخص ماذا يفعل الاخرون او ان هناك معلومات لدى الاخرين قد تفيد بجانب معين والعمل من اجل تقاطع المعلومات من اجل تحسين في جودة البيانات نفسها، اي بناء قاعدة بيانات وطنية على مستوى وطننا بكامله وتشارك فيها كل الوزارات كالمصارف والجهات الرسمية والقطاع الخاص وكل شخص حسب احتياجه وهذه القاعدة فيها كم كبير من المؤشرات التي تتبع للجهة نفسها وبعض الجهات ادارية ومعلومات عن الشخص وعلاقته مع باقي الجهات وما عليه من ضرائب وما لديه من مشاريع او مشكلات مع جهات ادارية وهذا الامر يؤدي لسهولة الحصول على المعلومات المطلوبة على مستوى نشاطه وتحسين جودة المعلومات نفسها والمعلومات ليست شرطا ان تتطابق مئة في المئة لكن ضمن الحد الادنى.
هارون: لدينا فائض بالسيولة وندرة بالاقراض
محمد: ألغينا التراخيص.. واكتفينا بوثيقة من المختار
سمندر: البدء بمنح تراخيص مؤقتة لأصحاب المشاريع في المحافظات
تصوير: زياد الفلاح