الثورة – بشرى فوزي:
تعتمد تربية الطفل على التأثيرات المحيطة به إضافة لكيفية نشأة الوالدين وتربيتهم، ولذلك لايوجد أسلوب معين يمكن عدّه الأسلوب الأصح في تربية الطفل، ومع ذلك يبقى الهدف الوحيد من جميع أساليب التربية هو بناء شخصية متوازنة نفسياً وعقلياً وعلى مستوى عالٍ من الثقة بالنفس.
ولابد من التمييز بين الثقة بالنفس وبين الغرور، فالأطفال الواثقون راضون عن أنفسهم وهو مايجب أن يتمتع به الإنسان، أمّا الغرور فهو صفة سلبية يجب مواجهتها وعلاجها منذ الطفولة.
تواجه رهف مشكلة مع ابنها المغرور حسب قولها فهو متكبر ولا يعجبه أي شيء وينتقد كل ماحوله، وتضيف طعامنا في المنزل ومكان السكن ومدرسته ورفاقه بالرغم من صغر سنه فهو في الصف الخامس إلا أنّه لايبدي رضا وقبولاً لأي شي نقدمه له -حسب قولها- رغم محاولاتها الدائمة والمستمرة لإقناعه أنّ لكل إنسان طريقته للحياة ومستوى معيناً للمعيشة، مؤكدة أنّ جميع محاولاتها باءت بالفشل، فهو يرى نفسه متميزاً ومتفوقاً على الجميع، ويستحق الحياة الرغيدة التي لاتستطيع أن توصله إليها بالرغم من اجتهاده في دروسه وتفوقه على جميع رفاقه إلا أنّها ترغب أن يكون ولدها سلساً في التعامل مع الناس وراضياً حتى لاينصدم في المستقبل حسب قولها.
أمّا مرام فهي تعاني من ضعف شخصية ابنها وهو في الصف الثاني، وتقول: يبدو متأثراً جداً بكل مايقوله له رفاقه، حيث يتردد في كل شيء إذا قال له صديقه على سبيل المثال (أنت نحيف أو لست طويلاً كفاية)وغير ذلك بالرغم من محاولتها لرفع ثقته بنفسه وتشجيعه، وتؤكد أنها صديقة لابنها حيث يسرّ لها بكل شيء ولكن بلاجدوى وبعد طول محاولتها لإقناعه أن هناك من يحبط عزيمتك لتتراجع في دروسك، مضيفة: يقتنع ليومين بما أزرعه فيه ولكن يعود لنفس التردد والخوف والتساؤل غير المنطقي بعد ذلك.
المرشدة الاجتماعية غادة الهلال أكدت أنّ أهم أسباب غرور الأطفال هي كلمات التحفيز والمبالغة في التدليل والمدح الطبيعي الذي يتخطى الحد الطبيعي، وذلك بسبب الحب الشديد من قِبل الأهل للطفل حيث ينشأ ويكبر على ذلك رغبة من الأهل في بناء شخصية قوية للطفل ورفع ثقته بنفسه.
وتضيف الهلال لابد للأهل من شرح عواقب الغرور وشرح ذلك للطفل بوضع نفسه مكان الآخرين الذين يتعامل معهم بغرور، إضافة إلى التركيز على بناء شخصية الطفل وليس على إنجازاته فقط، وأضافت يجب مدح مميزات الأصدقاء وتحفيز الطفل على الاعتراف بصفات أقرانه الإيجابية، وتشجيعه على تقديرهم وغرس قيم التواضع والتسامح في نفوس الأبناء حتى ينشأ طفلاً متوازناً منذ الصغر.
أمّا سلبيات الطفل المغرور فقد بينت الهلال أنّ ضعف صلة الطفل بالآخرين أهم نتائج الغرور، إضافة إلى السعي وراء السيادة والتسلط على الآخرين، كما يصاب الطفل المغرور بالإحباط عندما يقلل الآخرون من شأنه، فالطفل المغرور لايكتفي بتعظيم نفسه بل يسعى للتقليل من قيمة وشأن الآخرين والاستهانة بهم.
وأكدت الهلال على إيجابيات الطفل المغرور حيث يحب ويرغب في أن يكون مشهوراً ومعروفاً ولذلك فهو يقوم بأعمال جيدة حتى يلفت النظر إلى نفسه ويتباهى أمام الآخرين.
وفيما يخص طرق العلاج أكدت الهلال أنّ اختيار أصدقاء للطفل يتمتعون بقدر كافٍ من التهذيب وحب المشاركة والتواضع هي أهم طرق العلاج. مضيفة أنّ الطفل شديد التأثر بمن حوله ومن يختلط بهم، إضافة لإعطاء الطفل القدر الوافي من الحب، إضافة لتعليمه الصدق والأمانة ليكون واضحاً أمام نفسه والآخرين.
ختاماً..
بين الغرور والثقة بالنفس خيط رفيع يحتاج إلى رعاية وعناية ودراسة حتى يبقى صلة وصل بين الأهل والطفل، فالغرور صخرة تتحطم عليها كل المواهب.
