الثورة – لميس علي:
خلال السنوات القليلة الماضية، فرضت منصات العرض الرقمية حضورها لاسيما بعد الفترة التي أُغلقت فيها دور السينما بسبب فيروس كورونا.
ومن الملاحظ، عربياً، زيادة الأعمال التي تعرضها هذه المنصات وبالتالي زيادة في الإنتاج الدرامي، نصّاً، إخراجاً، وتمثيلاً، ويرافق هذا كله زيادة مطّردة في عدد المشتركين والمتابعين لهذه المنصّات..
دون نسيان خصوصية هذا النوعية من المشاهدة لناحية فرضها شرط عرضٍ يتشابه والسينما، بمعنى: المتلقي/المشترك هو الذي يذهب إليها..
فهل يأتي هذا النوع من العرض لمصلحة المُنتَج والمتلقي على سواء..؟ أم تبقى الغايات الربحية هي التي تقود ذوي هذه الإنتاجات مهما بدت تساير تطور التقنيات الرقمية حيث زادت العروض وتنوعت الخدمات، فجنوا ملايين المشتركين والأموال سوياً..؟
ثم ماذا عن نوعية المادة (النص) المقدمة في مسلسلات درامية لا تتجاوز، غالباً، العشر حلقات..؟
كمشتغل/كمشتغلة في المجال الدرامي كيف ترى/ترين تصاعد دور منصّات العرض الرقمية..؟
االسيناريست خلدون قتلان: ستكون بديلاً عن المحطات التقليدية
لا شك بأن المنصات الرقمية قد ساعدت بتنشيط سوق الإنتاج العربي وذلك بالفعل يصب بمصلحة المنتج والمشاهد وكل من يعمل في الصناعة الدرامية، فهي سوق مضافة لها شروطها الخاصة وتبقى الدراما بشكل عام صناعة ثقيلة، الغاية منها بالنسبة لكل منتج هو الربح المادي، فالمنتج في النهاية تاجر يهمه كالجميع دوران العجلة الاقتصادية، وأعتقد أن الدراما السورية والعربية قد فقدت هويتها، نحن نملك الكثير من المقلّدين لطريقة كتابة وإخراج الأعمال العالمية، ولكننا نفتقر لصانع مشروع فني ربحي يحمل هويتنا وينافس الأعمال العالمية على المنصات الرقمية الكبيرة، أعتقد أننا نحتاج إلى الوقت لكي نكون قادرين على دخول سوق المنافسة العالمية وقبل أن يحدث ذلك سنرى الكثير من التجارب التي تعزز قناعة رأس المال بأهمية تلك المنصات التي ستكون في يوم ربما ليس ببعيد بديلاً عن المحطات التقليدية.
الكاتبة سلام كسيري: لها دورٌ مهم وأساسي في دعم تجربة الدراما العربية..
استوردت الدراما العربية النمط العالمي الجديد للمسلسلات والشبيه بالرواية السينمائية والغرض تكثيف المحتوى واختصار عدد حلقات المسلسل، لحق ذلك زيادة في الإنتاج من قبل المنصات الرقمية بدل البث عبر المحطات الذي كان حكراً على شهر رمضان ليصبح موزّعاً على مدار العام.
نعم كل هذا لمصلحة المنتج والمتلقي على حدّ سواء ولمصلحة الدراما العربية نفسها التي تكوّن تجربتها في الشكل الجديد المتّبع عالمياً والذي سوف يتطور ذاتياً لأن الكم برأيي ينتج الكيف لاحقاً أي أن المادة الجيدة ستجد طريقها للوصول ضمن فرص الإنتاج المتعددة وضمن توسيع أطر الموضوعات والأنواع المطلوبة.
بالنسبة لعدد حلقات المسلسلات القصير عرفنا هذا الشكل من قبل في الدراما السورية (مثلاً) التي كانت تنتج في السابق مسلسلات من ثلاث حلقات إلى سبع، حتى أن عدد الحلقات المتعارف عليه للمسلسلات كان ١٥ حلقة فقط، قبل أن يطغى النمط الرمضاني فتحوّلت جميع المسلسلات لتكون من ثلاثين حلقة تُعرض جميعها في رمضان وتعاد لاحقاً.
برأي المشاهد العربي يواكب الآن منعطفاً جديداً في مسيرة الدراما العربية التي تلحق بالركب العالمي من حيث الشكل وتعدد الأنواع، على سبيل المثال كنا نواجه مفهوماً يطرح دائماً بخصوص طرح بعض الموضوعات التي يعتقد البعض أنها غير مناسبة للشهر الفضيل كنت أجيب متى إذاً نستطيع تناولها إذا كانت كل الإنتاجات رمضانية؟ أقله نحن الكتّاب لم نعد نُقيّد بقيد إضافي مثل هذا..
المنصات العربية والإنتاج المتزايد له دور مهم جداً وأساسي في دعم تجربة الدراما العربية التي تكوّن هيئتها الجديدة بشكل تدريجي وسوف تنتج هويتها المختلفة التي قد تنافس عالمياً.
الناقد والمخرج السينمائي فراس محمد: يجب الاستفادة منها، ومسايرة لغة العصر..
من المجحف القول إنها ليست في مصلحة المنتج والمتلقي، فالطرفان تمكّنا من الوصول لبعضهما بشكل أسرع، فإذا كانت غاية المنتج هي أن يكون مُشاهَداً من أكبر شريحة من الناس، فالمتلقي أصبح قادراً على الوصول إليه بشروط المتلقي الخاصة وليست شروط العرض التقليدية أو الكلاسيكية، هناك جانب إيجابي لاشك، ولكن هل هو بحجم سلبيات هذا النوع من التلقي، نحن هنا أمام شرط عرض لا يهتم (بالكواليتي) إذا أردنا أن نتحدث عن السينما تحديداً، والأهم لا يهتم بالسينما كفن قدر أنها ترفيه، رغم أن بعض المنصات أنتجت أفلاماً ذات جودة سينمائية عالية، لكنها ارتضت بفترة عرض سينمائي أو مهرجاناتي قبل إطلاقه على المنصة، مُشاهدة السينما في شروط غير كلاسيكية يُفقدها الكثير من خاصياتها، وهذا بحدّ ذاته نتيجة سلبية.
السينما صناعة، وبالتالي المال جزء أساسي منها وربما هو المسؤول عن شكل ونوعية التغييرات الحاصلة، وبالتالي الغايات الربحية موجودة سواءً بالعرض الرقمي أو الكلاسيكي، ولكن هناك دوماً رأس المال القادر على تحريك هذه الصناعة على اختلاف السويات الفنية، كل تحف السينما صنعها المال بالنهاية. السينما بالعموم فن مكلف، كما قال أورسن ويلز، أنت كصانع أفلام دوماً بحاجة لمليون دولار.
بعض هذه التجارب تحاول أن تسير مع التيار، نجح بعضها وهم قلة وفشل كثر، هذه النوعية من النصوص تلهث وراء الحبكة، وهذا عنصر حساس في النص، فإن لم تمتلك هذه النصوص المتانة الكافية فيها تسقط مهما بلغت جودة باقي العناصر الفنية.
يجب الاستفادة منها، لأن الذهاب للسينما قد يتحول مع الوقت لطقس حنيني. الأهم مسايرة لغة العصر، والحفاظ بنفس الوقت على شرطية السينما، يمكن صناعة النتاج شديد الكلاسيكية وطرحه بالطريقة الرقمية.