ليس خافياً على أحد طبيعة الظرف والوضع والمرحلة والحالة الاقتصادية الحرجة والمعقدة والاستثنائية التي تعصف وبقوة جيب ومحفظة ودخل ومائدة المواطن.
وليس خافياً على أحد أيضاً إصرار البعض من داخل مؤسساتنا على تدوير الزوايا كل على ليلاه “كما يشتهي ويحب ويروق له”، ليس حباً بالعمل فحسب، ولا طمعاً بكسب ود وثقة العاملين في الوزارات والمؤسسات والشركات والهيئات..التي يديرون دفة إدارتها، وإنما من باب إثبات الوجود والحضور ليس إلا.
وباعتبار أن عملية إثبات الوجود وتأكيد الحضور تشترط كثرة الإطلالات الإعلامية والإعلانية، والظهور المستمر لا المتقطع، فإنك تراهم بين الفينة والأخرى يتناوبون على تقليب صفحات خططهم السنوية، للخروج منها بعنوان فضفاض للقاء أو المنتدى أو الملتقى أو المؤتمر أو ورشة العمل..، التي سيعقدونها بعد دعوة جميع الجهات العامة والخاصة ذات الصلة ليس لحضورها فقط، وإنما للترويج لها بكل الوسائل التسويقية والدعائية الترحيبية والتشجيعية الممكنة “إلكتروني ـ تلفزيوني ـ إذاعي..”، التي تساعدهم في إظهار الحدث أو النشاط المزمع عقده بأنه “لا قبله ولا بعده”.. كل ذلك وأكثر لاعتقاد البعض الصحيح لا الخاطئ أن القطاع الذي يقودونه يراوح في مكانه في أحسن أحوله، إن لم نقل تراجع أشواطاً وأشواطاً إلى الوراء، منذ لحظة استلامهم له حتى تاريخه.
نعم، فمن يطالع خطط عدد من وزارات الدولة، ويتوقف قليلاً عند الملتقيات أو المؤتمرات أو ورشات العمل.. التي تعقدها هذه الوزارات عينها، يستطيع بنظرة سريعة وبجردة حساب صغيرة، الخروج بقناعة مفادها، أن معظم الحراك الذي يجري لا صلة له، ولا يوجد أي علاقة تربطه، بالأحداث الاستثنائية ـ النوعية ـ الإستراتيجية ـ التي تستدعى كل هذه المظاهر والمقدمات من حالات رفع جاهزية واستنفار عام داخل هذا الجهة العامة أو تلك، كون الأمر مكرراً ومطروحاً ومناقشاً ومعتمداً وموافقاً عليه “وبالعشرة” من قبل هذه الجهات عينها، التي يبدو أنها لا تعرف هي نفسها ما هو نوع أو شكل الرسالة التي تريد إرسالها، ولا الفائدة المرجوة والغاية المنشودة منها .. كون جميع المتلقين على علم ودراية مسبقة بالنيات التي تؤخر ولا تقدم.