الثورة- عزة شتيوي:
شلت الحركة تماماً اليوم الأربعاء في بلجيكا، وتعثرت الحكومة بإضراب عام في جميع وسائل النقل العام والمطارات والمستشفيات والمتاجر الكبرى والشركات.
ونفذ عمال البلاد إضراباً عاماً عن العمل بسبب تراجع القدرة الشرائية لديهم وعدم وجود ثمن فواتير الغاز والكهرباء والبنزين في بطاقاتهم المالية أو حتى في جيوبهم حيث بلغ ارتفاعها منذ بداية الحرب الأوكرانية إلى حوالي اربعة أضعاف وبات الوضع الاجتماعي والاقتصادي مخيفاً ومقلقاً حيث بدأ الشتاء الباكر والبارد في أوروبا ينذر البلجيكيين والأوروبيين عموماً بدفع فاتورة تبعيتهم للسياسة الأميركية من جيوبهم المفلسة ومن استقرارهم الاقتصادي وحرمتهم حتى من الجلوس بدفء بعد يوم عمل قاس كما هي طبيعة العمل في القارة العجوز أو القديمة.
الوحدة الأوروبية وحرية التنقل للأوروبيين بين دول “شنغن” لم تعد للسياحة والتمتع بعطلة نهاية الأسبوع بل باتت للبحث والتزود بالوقود، فبعد أن كان الأشخاص في بلجيكا يقطعون الحدود إلى فرنسا للتزود بوقود أرخص نظراً لارتفاع أسعاره في بلادهم بات الفرنسيون يقطعون الحدود إلى بلجيكا والدول المجاورة بحثاً عن الوقود الذي شح أو حتى انقطع تماماً في محطات وقودهم ومصافيهم.
اليوم لا يستطيع الأوروبي دفع فواتيره وشراء مستلزماته وقد يحرم من التدفئة لذلك بات الرؤساء الأوروبيون يستمعون إلى أصوات الاحتجاجات في بلدانهم وفي محطات النقل والمطارات بدلاً من موسيقا الأوبرا التي اعتادوا أن يسمعوها للشعب في مواقف المترو والمطارات.
الإضراب العام في بلجيكا وقبله في الدول الأوروبية شمل حتى المستشفيات والشرطة ووسائل النقل العمومية وأهمها المطارات حيث أعلنت متحدثة باسم مطار بروكسل الدولي، الأكبر في البلاد، إلغاء 60 بالمئة من الرحلات المقررة لغياب العدد الكافي من الموظفين.
كما أغلق مطار شارلروا (جنوب) بلجيكا ثاني أكبر مطار في البلاد لناحية حركة الركاب
ومساء أمس الثلاثاء أعلنت الشركة المشغلة للمطار في موقعها الإلكتروني أن “كل الرحلات التجارية” التي من المقرر أن تقلع من المطار قد ألغيت، كما عم الإضراب في الشركات ويتم التخطيط لحشد اعتصامات على أوسع نطاق ممكن، إلى جانب إجراءات أكثر تحديدا تشمل بعض المهن الأخرى بعد أن تم الفشل بالوصول إلى حلول لرفع الأجور أو تخفيض الفواتير والضرائب.
يقف الأوروبيون في حيرة من أمرهم فهم وقود الحرب التي أشعلتها أميركا في أوكرانيا وحرمتهم من كل موارد الطاقة والنفط الروسي الذي كان بأرخص الأسعار، وكل ذلك بسبب غباء الطبقة السياسية الأوروبية والمسؤولين هناك.. ثمة مواطنون تحدثوا بلهجة حادة أن على أوروبا خلع عكازها السياسي الأميركي وإلغاء التبعية السياسية لواشنطن بدلاً من أن تنفذ الأوامر وتعمل فقط ليكون المواطن الأميركي أولاً، بينما يموت الأوروبيون برداً وصقيعاً وتموت الصناعة هناك أيضا، وهذا ما تحدث عنه ن رئيس وزراء بلجيكا، ألكسندر دي كرو، وقد عبر بشكل واضح عما تعنيه أزمة الطاقة في أوروبا حين حذر من “أننا في أوروبا نجازف بإلغاء التصنيع على نطاق واسع في القارة الأوروبية”، ذلك إلى جانب الخوف من أن ارتفاع الأسعار، وعدم توفر الطاقة يمكن أن يدفع بالشركات إلى الهجرة، هذا ما يقوله.. أما ما يفعله هو ونظراؤه في الدول الأوروبية فهو البصم لأميركا على ورق ابيض وبعمى سياسي واقتصادي كامل.