عبد الحليم سعود
يبدو عالمنا اليوم في سباق مع الزمن لإنجاز تدابير وقائية تنقذ كوكب الأرض من التغيرات المناخية الضاربة في التسارع والتفاقم على نحو شديد الخطورة، إن كان على شكل ارتفاع شديد في درجات الحرارة أو على شكل فيضانات مدمرة أو حرائق تأتي على ما تبقى من الغطاء النباتي والغابات التي تحفظ بعض التوازن المناخي للكوكب المهدد.
فمع كل قمة مناخية جديدة – ثمة قمة مناخية جديدة بدأت قبل أيام في منتجع شرم الشيخ المصري – تتجدد الأسئلة ذاتها حول ما إذا كان قادة العالم الذين حضروا القمة سيتفقون على تدابير اقتصادية مجدية تجنب الأرض ومن عليها مما يتهددهم جراء التغيرات المناخية المتسارعة ويضعون خلافاتهم وصراعاتهم السياسية جانباً، أم أن المصالح الفردية لبعض الدول كالولايات المتحدة والدول الغربية ستطغى على جهود الخبراء والمختصين الساعين لحلول ذات قيمة..؟!.
على مدى العديد من القمم السابقة والبروتوكولات – ومنها بروتوكول كيوتو الذائع الصيت – الذي يعنى بشؤون المناخ، ظلت النتائج المرجوة أضعف بكثير من التوقعات التي سبقت انعقاد القمم، فكل الاتفاقات حول تخفيض نسبة الغازات الدفيئة الناجمة عن النشاط الصناعي لم تنفذ بأمانة ومسؤولية، بحيث باتت معاناة الأرض مع التغيرات المناخية الشديدة الوطأة أكثر وضوحا، فقد حدثت حرائق هائلة في السنوات الماضية طالت غابات الأمازون التي تعتبر رئة العالم، كما شهد العالم فيضانات عارمة طالت الكثير من المناطق كان أشدها في إقليم السند في باكستان الذي غمرته المياه إضافة إلى أقاليم أخرى دمر خلالها آلاف المنازل وقتل الآلاف، إضافة إلى موجات حرارة شديدة الارتفاع طالت أوروبا لم تكن مسبوقة في التاريخ الحديث، وهذا ما يجعل المجتمعين في قمة شرم الشيخ تحت ضغط هائل من قبل شعوبهم لإنجاز ما يمكن إنجازه قبل وقوع المحظور، فالعالم مهدد بكارثة غذائية يمكن أن تتسبب بمجاعات كبرى نتيجة الحرب الأوكرانية والعديد من النزاعات والحروب الأخرى، كما أنه أمام خطر حدوث أوبئة شديدة – كوباء كورونا الذي عانينا منه في العامين الماضيين وكذلك الكوليرا الناجمة عن التلوث في المياه ونقص المياه الصالحة للشرب – ولا يختلف مهتمان بالشأن المناخي حول ما يمكن أن تفعله درجات الحرارة المرتفعة وما يمكن أن تسببه من حرائق، إذ ارتفع مؤشر حدوث الحرائق في العامين الماضيين إلى مستوى غير مسبوق، عدا عن الفيضانات وذوبان الثلوج في القطبين، من تأثيرات مباشرة على واقع التنمية الزراعية وبقية الشؤون المتعلقة بصناعة الغذاء والدواء.
العالم اليوم أمام امتحانات الإرادات إذا ما أراد أن ينجز شيئا لحماية الأرض من التغيرات المناخية الخطيرة، ولعل المسؤولية الأكبر تقع بدون أدنى شك على الدول الصناعية الكبرى كالولايات المتحدة ودول غرب أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية، التي تنفث مصانعها كميات هائلة من الغازات الدفيئة التي تقصر في عمر الحياة على الأرض وتهدد ساكنيها بالكثير من المعاناة في السنوات القادمة، فهل سيعطي أهل السياسة والاقتصاد الأولوية لمصالح البشرية وسلامها أم يواصلون السعي بأنانية خلف مصالحهم الضيقة ويتجاهلون الأخطار المحدقة بالكوكب..هذا ما سنعرفه في الأيام القادمة عندما تصدر نتائج القمة وتوصياتها ونرى ما تعهدت به الدول الصناعية الكبرى.