أسماء الفريح
مع انعقاد فعاليات مؤتمر المناخ “COP 27” في مصر لمكافحة الاحترار المناخي وتداعياته المدمرة على البشرية جمعاء، تعود بنا الذاكرة إلى ألسنة اللهب المتصاعدة من حرائق غابات الأمازون التي يقع 60بالمئة منها في البرازيل و مع معرفتنا بقدرتها الفريدة على امتصاص كميات هائلة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم وهو الغاز الذي يعتقد أنه من أكبر عوامل تغير المناخ، ندرك أهمية وجوهرية الحفاظ على هذه الغابات التي يطلق عليها “رئة الأرض”.
العدد الهائل من الحرائق التي شهدتها الأمازون وهي أكبر غابات استوائية مطيرة في العالم وتشتهر بالتنوع البيولوجي مع وجود أنواع كثيرة من النباتات والحيوانات فيها والتي قدرت بنحو 78383 حريقا منذ بداية عام 2019 نصفها تقريبا في آب وحده، أثارت غضبا وقلقا دوليين كما دفعت البرازيليين للتظاهر في شوارع العديد من مدنهم للاحتجاج على تقاعس الحكومة عن مكافحة الحرائق.
إشعال الحرائق في غابات الأمازون يتم في الأغلب بشكل متعمد حيث تُستخدم طرق القطع والحرق لأغراض الزراعة وتربية المواشي والتعدين ما يؤدي إلى إزالة الأحراج فيها على أمل بيعها لمزارعين، ووفقا لاحصاءات فإن معدل إزالة الغابات في الشهور السبعة الأولى من 2019 ارتفع بنسبة 67 بالمئة مقارنة بالعام 2018ويعتقد نشطاء البيئة أن من يقطعون الغابات هم من يبدؤون الحرائق ولكن السؤال الأهم من يقف وراء هؤلاء ويدفعهم لإشعال الحرائق؟.
رئيس البرازيل آنذاك غايير بولسونارو اعتبر في البداية أن الحرائق أمر طبيعي ليتهم تاليا منظمات غير حكومية بإشعالها لإلحاق الضرر بحكومته دون أن يقدم دليلا على ذلك ليتراجع ويقول إن بلاده لا تملك الموارد اللازمة لمكافحة حرائق في منطقة بحجم غابات الأمازون ويرفض في الوقت ذاته قبول مساعدات وتمويلات بزعم أنها تقوض سيادة بلاده، ووفقا لوكالات أنباء فإنه ومنذ وصول بولسونارو إلى السلطة في كانون الثاني 2019 زاد متوسط إزالة الغابات في منطقة الأمازون بنسبة 75 بالمئة مقارنة بالعقد السابق بينما يقول نشطاء إن الخطابات المناهضة للبيئة التي يلقيها بولسونارو تشجع أنشطة غير قانونية لإزالة الأشجار.
بيانات لوكالة أبحاث الفضاء الحكومية البرازيلية حذرت من أن حرائق غابات الأمازون ارتفعت بنسبة 25 بالمئة في الأشهر العشرة الأولى من عام 2020 بالمقارنة بالفترة المقابلة من العام 2019 بينما كشفت بيانات حكومية أن إزالة الأشجار في الأمازون وصلت إلى مستوى قياسي في الأشهر الستة الأولى من العام 2022 بعد تدمير منطقة تزيد مساحتها على خمسة أضعاف مساحة مدينة نيويورك الأميركية.
مجلة نيتشر كلايمت تشينج كانت كشفت في دراسة نشرتها في أيار الماضي بأنه على مدار العقد الماضي أصبحت غابات الأمازون تطلق غاز ثاني أكسيد الكربون بشكل أكبر مما تستطيع امتصاصه بنسبة عشرين بالمئة، مبينة أنه من عام 2010 وحتى عام 2019 أطلقت غابات الأمازون في البرازيل 9.13 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون بينما استطاعت تخفيض 6.6 مليارات طن فقط من حجم الانبعاثات، وأرجعت الدراسة ارتفاع نسبة الانبعاثات إلى تدهور حالة الغابات التي تؤدي بدورها لحدوث انبعاثات أكثر بثلاثة أضعاف من الغابات المدمرة بالكامل.