كوب 27 بين السّياسة والمناخ

بالرغم من الحديث العالي والتحضيرات الكبيرة لقمة المناخ العالمية (كوب 27) التي استضافتها مدينة شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية قبل أيام، بقي الكلام في معظمه نظرياً بعيداً عن الواقع، ولم يحسم الجدال بين الدول الصناعية المتقدمة والدول النامية حول مسؤولية كل منهم في الاحتباس الحراري سوى ضغوط أدت إلى تمديد القمة ليومين إضافيين للخروج بتوافق على إنشاء صندوق لتعويض الخسائر والأضرار الناجمة عن التغير المناخي.

فما فرقته السياسة لم تستطع أزمات المناخ وتداعياتها أن تجمعه، بل أن معظم الحضور تناولوا قضية المناخ من منظور سياسي حيث طغت الحرب الأوكرانية على كلمات العديد من الوفود وحاولت الدول الغربية التنصل من مسؤوليتها في الاحتباس الحراري عبر دعوة الدول النامية إلى التوقف عن استخدام الفحم الحجري باعتباره مسبباً للاحتباس الحراري، والتلوث البيئي في الوقت الذي عادت فيه أوروبا لاستخدامه مع بداية الشتاء على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات الأوروبية التي فرضتها القارة على الغاز الروسي.

الصندوق الذي تم الاتفاق على تأسيسه تحت عنوان: “صندوق للخسائر والأضرار الناجمة عن التغير المناخي”، وإن كان خطوة إيجابية إلا أنه غير كاف، وينبغي ألا يخضع لاعتبارات سياسية قلما نجت منها الصناديق الدولية، وينبغي أيضاً ألا يغيّب إنشاء الصندوق عن أذهاننا دور الدول الصناعية الكبرى في الاحتباس الحراري على مدى العقود الماضية، وفي التغيرات المناخية التي تتسبب سنوياً بأضرار اقتصادية تطول العديد من الدول النامية.

وكذلك لابد من التأكيد على أن الذهاب إلى معالجة التداعيات والنتائج بدل البحث في معالجة الأسباب، والتي أصبحت سمة لازمة لجميع التحركات الدولية وسياسات الأمم المتحدة، تشكل قصوراً في المعالجة وهروباً من تحمل المسؤوليات، فالقضايا المناخية الملحة التي بقيت عالقة من دون أي معالجة، كالحد من الاحتباس الحراري والحفاظ على درجة حرارة الأرض والحد من ارتفاعها إلى حدود 1.5 درجة مئوية هي الأساس وينبغي ألا يتم تغييبها تحت دخان تأسيس الصندوق المذكور.

فالقمة لم تتوصل إلى اتفاق على التخفيض التدريجي لجميع أنواع الوقود الأحفوري بما في ذلك النفط والغاز بل اكتفت بتخصيص تمويل لبعض الدول لتخفيض استخدام الفحم الحجري فيها، وكذلك لم يتم تحديد الخطوات اللازمة والملزمة لجميع الدول لتحقيق هدف الإبقاء على درجة ارتفاع حرارة الأرض بحدود 1.5 درجة مئوية الأمر الذي يعدّ إهمالاً في معالجة المسببات الأساسية للتغيرات المناخية.

القمة وإن خرجت بتعهدات بتقديم تمويلات مناخية لمساعدة الدول النامية على معالجة آثار التغيرات المناخية على الغذاء والمياه، تبقى هذه التمويلات رهن بالعلاقات السياسية وهيمنة الدول الغربية وتوجهاتها السياسية وليست ملزمة لأحد.

الانقسامات التي شهدتها القمة بين الأطراف المشاركة ليست سوى انقسامات سياسية طغت على المخاطر المناخية التي تهدد العالم أجمع، فالدول الصناعية الكبرى ليست مستعدة للالتزام بتعهدات قانونية ومالية تتخذ شكل قرار دولي ملزم، بل تريد أن تبقيها قرارات خاصة تنفذها متى تشاء وأين تشاء، لذلك فإن التعويل على هذه القمم لمعالجة جدية للاحتباس الحراري والتبدلات المناخية يبقى رهاناً غير مضمون النتائج.

آخر الأخبار
قطرة دم.. شريان حياة  الدفاع المدني يجسد أسمى معاني الإنسانية  وزير السياحة يشارك في مؤتمر “FMOVE”  التحول الرقمي في النقل: إجماع حكومي وخاص على مستقبل واعد  وزير النقل لـ"الثورة": "موف" منصة لتشبيك الأفكار الريادية وتحويلها لمشاريع      تنظيم شركات المعلوماتية السورية  ناشطو "أسطول الصمود" المحتجزين يبدؤون إضراباً جماعياً عن الطعام حوار مستفيض في اتحاد العمال لإصلاح قوانين العمل الحكومي مناقشات استراتيجية حول التمويل الزراعي في اجتماع المالية و"IFAD" الشرع يبحث مع باراك وكوبر دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار العميد حمادة: استهداف "الأمن العام" بحلب يزعزع الاستقرار وينسف مصداقية "قسد" خطاب يبحث في الأردن تعزيز التعاون.. و وفد من "الداخلية" يشارك بمؤتمر في تونس حضور خافت يحتاج إلى إنصاف.. تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي دعم جودة التعليم وتوزيع المنهاج الدراسي اتفاق على وقف شامل لإطلاق النار بكل المحاور شمال وشمال شرقي سوريا تمثيل المرأة المحدود .. نظرة قاصرة حول عدم مقدرتها لاتخاذ قرارات سياسية "الإغاثة الإسلامية" في سوريا.. التحول إلى التعافي والتنمية المستدامة تراكم القمامة في مخيم جرمانا.. واستجابة من مديرية النظافة مستقبل النقل الرقمي في سوريا.. بين الطموح والتحديات المجتمعية بعد سنوات من التهجير.. عودة الحياة إلى مدرسة شهداء سراقب اتفاقية لتأسيس "جامعة الصداقة التركية - السورية" في دمشق قريباً