الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
أقر اجتماع وزراء دفاع الآسيان إعلاناً مشتركاً بعنوان تعزيز التضامن من أجل أمن منسق، وإضافة إلى وزراء دفاع دول الآسيان، شارك في هذا الاجتماع وزراء دفاع وممثلو دول كثيرة من بينها الصين والولايات المتحدة وروسيا، حيث يجسد الإعلان المشترك إجماع جميع الدول المشاركة إلى أقصى حد، وخاصة الموقف الجماعي للآسيان تجاه القضايا الإقليمية والدولية.
ونظراً للأجواء الخاصة الحالية بين الصين والولايات المتحدة وروسيا، فضلاً عن الوضع الدولي المعقد والخطير، فمن الجدير ذكره أن اجتماع وزراء دفاع الآسيان قد تمكن من التوصل إلى إعلان مشترك والتركيز على التضامن والتعاون.
يؤكد هذا الإعلان على التهديدات الأمنية المشتركة، التقليدية وغير التقليدية، التي تواجه المنطقة والعالم مع تجنب ذكر الخلافات بين دول معينة، ويؤكد أيضاً التزامه بتعزيز السلام والأمن المستدامين في المنطقة وتعزيز التعاون العملي بين الدول الأعضاء في الآسيان والبلدان ذات الصلة في المنطقة.
كما نص الإعلان المشترك على وجه التحديد على أن لكل دولة الحق في قيادة وجودها الوطني دون تدخل خارجي أو تخريب أو إكراه، والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها البعض، وحل النزاعات بالوسائل السلمية.
ليس من الصعب أن نرى أن الإعلان يتوافق مع مبادئ الصين ومواقفها وممارساتها الدبلوماسية المتسقة، فهذه ليست نتيجة متعمدة، لكنها تكشف عن الآراء نفسها التي تشاركها دول المنطقة، بما في ذلك الصين نفسها، عند مواجهة التحديات، لأن لديها قاعدة رأي عام واسعة ومتينة وقوتها آخذة في الازدياد.
وافق وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن على الإعلان المشترك، ومع ذلك، بعد وقت قصير من اعتماد هذا الإعلان، أصدر البنتاغون بياناً، وعلى الرغم من أنه يعيد تأكيد التزام الولايات المتحدة بالعمل مع الآسيان، فإن النص بأكمله يؤكد تقريباً على كيفية التعامل مع الاستفزازات والسلوك العملياتي غير الآمن، من الواضح أن هذا يضع التعاون تحت الإطار العام للمواجهة ومحاولة تحويل التعاون إلى أداة لمواجهة المعسكرات، وذلك سعياً من واشنطن للهيمنة على الشؤون الإقليمية ومحاولة تهميش دور الآسيان.
لماذا تريد واشنطن أن تلعب خدعة الإعلان المزدوج؟ فهي تعلم جيداً أن الاستفزاز غير مرحب به في النقاش الجماعي، وأنه لن يؤدي إلا إلى مزيد من اليقظة وحتى الاستياء الدولي من الاستراتيجية الجيوسياسية التي تروج لها الولايات المتحدة والتي تهدف إلى التمدد في دول جنوب شرق آسيا، وهذا دون أدنى شك يتعارض مع مصالح هذه الدول.
ولكن، إلى حد ما، يمكن القول إن سلوك الولايات المتحدة في جوار الصين، مثل زرع الفتنة وإثارة المشاكل وتفاقم الوضع، قد واجه هزيمة على مراحل متتالية.
في العامين الماضيين، بعد أن أدركت واشنطن أنها لم تكن قادرة على تغيير بكين كما تريد، كرست مواردها الدبلوماسية الرئيسة لـتشكيل البيئة المحيطة ببكين، وبذلت كل الجهود لتصعيد أي انشقاق في الصراع والجدل المتعلق بالصين . لكن اتضح أن هذه التحركات أثبتت أنها غير مرحب بها وغير ناجحة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ والتي تركز بشكل كبير على التعاون.
فنحن نريد التضامن على الانقسام، والعدالة على الهيمنة، والانفتاح على الانغلاق، والمنفعة المتبادلة على المصالح الذاتية، وهذا ليس مطلب الصين العادل فحسب، بل هو رغبة مشتركة للمجتمع الدولي لتحقيق الرؤية الجميلة المتمثلة في البناء المشترك لبحر الصين الجنوبي في بحر من السلام والصداقة والتعاون أكثر من واشنطن.
المصدر: غلوبال تايمز