الثورة- عبد الحليم سعود:
لم تنفع كل جولات أستانا المتواصلة بنسخها المكررة، على مدى سنوات من عمر الحرب الإرهابية على سورية، في نزع أو تعطيل مخالب وأنياب الذئب التركي أو تقليم أظافره، ففي كل منعطف سياسي أو استحقاق داخلي تركي يعود رأس النظام التركي لمزاولة هوايته المفضلة في العدوان والإرهاب على السوريين بذرائع ملفقة كاشفا عن ميل غريزي متأصل في الشخصية التركية ذات الإرث العثماني الذي تحتفظ ذاكرة شعوب المنطقة بالكثير من جرائمه وارتكاباته الوحشية بحقها على مدى أربعة قرون وأكثر.
فعلى مدى الأيام الماضية واصل الاحتلال التركي عدوانه على ريفي الرقة والحسكة مستهدفا البنية التحتية والمدنيين على السواء مع ظهور إعلامي شبه يومي لتبرير أفعاله النكراء التي لم تجد من يحاول لجمها وإيقافها أو وقفها عند حد معين، ويساعده في ذلك تواطؤ أميركي خبيث يعطيه الذريعة والمبرر اللذين يحتاجهما ويبحث عنهما من خلال تقديمه الدعم المستمر للمليشيا الانفصالية “قسد” التي تتلاقى مصالحها مع النظام التركي في إبقاء الجرح السوري مفتوحاً إلى أجل غير مسمى، على وقع أداء دور وظيفي مطلوب من كلا الطرفين لمصلحة الراعي الأميركي الذي ظهر على حقيقته السافرة كلص وسارق للثروات النفطية السورية.
فلم يعد من الضروري التذكير بأن النظام التركي قد أدى الدور المرسوم له في الحرب على سورية، عبر دعم الإرهاب بكل أشكاله وتسمياته، وسرقة ونهب الثروات السورية وخاصة معامل حلب، وتدمير البنية التحتية في الكثير من المناطق التي دنسها بعدوانه واحتلاله، وقطع مياه الشرب عن أكثر من مليون مواطن سوري يستفيدون من محطة ضخ علوك، عدا عن تمرير عشرات آلاف الإرهابيين القادمين من كل أصقاع الأرض للقتال في سورية ضمن صفوف داعش وجبهة النصرة وغيرهما من تنظيمات القتل والإرهاب، وتشغيل آلاف السوريين كمرتزقة وعملاء يخدمون الأجندة التركية دون دراية أو وعي بكم الكارثة التي يشاركون فيها، ولكن لا بد – والعدوان التركي يتواصل حالياً على أهلنا في الجزيرة السورية بذرائع واهية ومفبركة – من التأكيد على أنه لا يمكن الوثوق بالتعهدات التركية المقطوعة في كل المناسبات السياسية وخاصة للجانبين الروسي والإيراني – شركاء أستانا ومهندسا مناطق خفض التصعيد في محافظة إدلب – فأردوغان يتقن فن الرقص على كل الحبال السياسية وهو يستغل كل الظروف الدولية محاولاً تجييرها لمصلحته ومصلحة نظامه، من أجل الاستمرار على رأس السلطة في تركيا وقمع كل معارضي سياسته في الداخل التركي.
واليوم يعيد أردوغان مجدداً البرهان على أنه لا يمكن الوثوق به وبتعهداته طالما أنه ينتهز أي فرصة للقفز فوق التفاهمات والتسويات والاتفاقات، وهو على استعداد لاختراع أي مبرر للمضي قدماً في سياسته الإشكالية في المنطقة، فحادثة التفجير الأخير في اسطنبول هي حادثة فبركتها سراديب الاستخبارات التركية بإيعاز من أردوغان نفسه لتمرير بعض حلقات مشروعه التخريبي في سورية، ولكن حسابات الحقل لا تتطابق دائما مع حسابات البيدر، فبالنهاية سيخرج الاحتلال التركي من سورية وسيخرج من يوفر له الذرائع -أي الاحتلال الأميركي- وسينصاع أصحاب المشاريع الانفصالية في قسد لإرادة السوريين لأنها هي التي ستنتصر وكما يقال “على الباغي ستدور الدوائر”.